كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

العلة، بخلاف العبد، والمسافر، والمرأة، فإن المانع من وجوبها عليهم صفة فيهم، وذلك لا يزول بحضور الجامع، حتى لو كان المريض، أو الزَّمِن بيته قريباً من المسجد يمكنه حضورها، يجب عليه حضورها، والزَّمِنُ إذا وجد مركباً ملكاً، أو إجارة، أو عارية، أو الأعمى إذا وجد قائداً بأجرة، وله مال أو مجاناً يلزمه حضورها.
وقال أبو حنيفة: لا جمعة على الأعمى، ومن لا يجب عليه حضور الجمعة يجوز له أداء الظهر قبل أن يصلي الإمام الجمعة، وإن كانوا جماعة يجوز أن يصلوا جماعة وفرادى، غير أن المستحب أن يؤخروا حتى يصلي الإمام الجمعة، وإذا صلوا جماعة، قال الشافعي: أحب إخفاء الجماعة لئلا يتهموا.
قال أصحابنا: فإن كان عذرهم ظاهراً لم يكره لهم إظهار الجماعة؛ لأنهم لا يتهمون مع ظهور العذر.
وقال أبو حنيفة: لا يصلي جماعة في المصر إلا الجمعة، فأما من يجب عليه حضور الجمعة إذا صلى الظهر قبل فوات الجمعة، هل يصح؟ فيه قولان.
قال في الجديد وهو الأصح: لا يصح؛ لأن فرضه الجمعة.
وقال في القديم: يصح؛ لأنه أدى وظيفة وقته.
وقال أبو حنيفة: ظهره موقوف، فإن خرج إلى الجمعة أو عزم على الخروج إليها بطل ظهره، فإن لم يدرك الجمعة أعاد الظهر.
ومن وجب عليه حضور الجمعة لا يجوز له أن يسافر بعد الزوال يوم الجمعة قبل أن يصلي الجمعة، فإن فعل كان عاصياً، ولا يجوز له الترخُّص ما لم تفُت الجمعة، ثم من حيث بلغ يكون ابتداء سفره، ولو سافر قبل طلوع الفجر الصادق، فلا حرج عليه.
ولو خرج بعد طلوع الفجر، نظر إن كان سفراً واجباً، أو سفر طاعة؛ كالحج والغزو، جاز؛ لما روي عن ابن عباس قال: بعث النبي- صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن رواحة في سريَّة، فوافق ذلك يوم الجمعة فغدا أصحابه، وقال: أتخلف فأصلي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم ألحقهم فلما

الصفحة 334