كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

المنبر، فإن لم يكن منبرٌ فيقف على مكان مرتفع ليبلغ صوته جميع الناس، فإذا بلغ الدرجة التي تلي المستراح أقبل بوجهه على الناس، وسلَّم عليهم، والقوم يردون السلام، ثم قعد وأذّن المؤذن.
روي عن السائب بن يزيد أن الآذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر- رضي الله عنهما- فلما كان خلافة عثمان- رضي الله عنه- كثر الناس فأمر عثمان بأذان ثان، فأذن به فثبت الأمر على ذلك.
قال الزهري: خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام، وهذا كما قال، وهو أن بعد ما خرج الإمام، وصعد المنبر ليس لأحد ممن هو في المسجد أن يبتدئ الصلاة، سواء صلى السنة، أو لم يصل.
ولا بأس أن يتكلم في حال الأذان ما لم يبتدئ الإمام الخطبة، وكذلك بعد الفراغ من الخطبة، ولا يكره الكلام قبل أن يشرع في الصلاة.
والفرق أن قطع الكلام ممكن متى ما ابتدأ الإمام الخطبة، وقطع الصلاة لا يمكن فربما يفوته سماع أول الخطبة، والفرق بين الخطبة حيث لا يتكلم المستمع في خلالها، ويتكلم في خلال الأذان- أن الأذان كلمات معلومة، والمقصود منه الإعلام بالصلاة، وهم حضور، والخطبة موعظة لابد من تفهمها، غير أن الأولى ألا يتكلم في خلال الأذان، ويشتغل بإجابة

الصفحة 338