كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

وفرائض الخطبة خمسة: التحميد، وأقله أن يقول: الحمد لله، والصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم-، والوصية بتقوى الله، ولفظ الوصية غير شرط على الأصح، وقراءة آية من القرآن، والدعاء للمؤمنين.
وعند أبي حنيفة: إذا قال: سبحان الله، والحمد لله جاز، وهذا ضعيف من حيث إنه مأمور بالخُطبة، والخطبة اسم لكلمات من وجوه ضم بعضها إلى بعض، وما ذكر لا يسمى خُطبة، ولا قائله يسمى خطيباً، فثلاث من هذه الخمس شرط في الخُطبتين: التحميد، والصلاة، والوصية بتقوى الله.
أما الدعاء للمؤمنين فرض في الثانية، فلو دعا في الأولى تحسب.
وقراءة القرآن واجبة في إحداهما، ففي أيهما قرأ جاز، ويستحب أن يقرأ فيهما، وترتيبها أن يبتدئ بالتحميد، ثم بالصلاة، ثم بالوصية، ولا ترتيب بين القراءة والدعاء، ومحل القراءة غير معين، ففي أي موضع قرأ جاز، بخلاف الصلاة، فإن أذكارها متعيَّنة، كذلك محلها.
وإذا حصل الخطيب يُلقَّنُ إن كانت الخُطبة معهودة يعرفونها، كما يفتح على الإمام القراءة، ولا يلقن ما دام يتردد، فإذا سكت لُقِّن، وإن لم تكن الخطبة معروفة لا يلقن.
وإذا قرأ في الخُطبة آية سجدة، نزل وسجد على الأرض، وسجد الناس معه، كذلك فعل النبي- صلى الله عليه وسلم-، ثم يصعد ويتم الخُطبة.
فإن كان المنبر عالياً يطول الفصل إذا نزل فلا ينزل، فإن كان في أعلى المنبر مكان السجود سجد عليه، وإلا ترك، فإن نزل وطال الفصلُ استأنف الخُطبة على قوله الجديد.
وفي القديم بنى، ويستحب أن يختم خطبته بقوله: أستغفر الله لي ولكم.
وإذا أغمي على الخطيب هل يبني غيره على خطبته؟ فعلى قولي الاستخلاف في الصلاة:
إن لم ينجوز يستأنف الخطبة، وإن جوزنا يشترط أن يكون الذي يبني ممن يسمع أول الخطبة.
فإذا فرغ من الخطبة أخذ في النُّزول، وأخذ المؤذن في الإقامة، ثم يتقدم فيصلي بهم

الصفحة 343