كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

المكان الواحد، جاز إقامتها في موضعين فأكثر على حسب الحاجة، وعلى هذا أمر "بغداد"؛ لأنا لو لم نجوِّز لزم إذا كان البلد كبيراً بعيد الأطراف، لا يمكن قطعها في يوم أن يكلفوا الخروج للجمعة يوم الخميس، ويطول الزَّمان بانتظار إلى أن ينتهي التكبير إلى آخرهم.
ومن لم يجوز حمل أهل "بغداد" على أنها كانت قرىً متفرقة فاتصلت أبنيتها، وفي مثل هذا يجوز.
وكذلك جاز لمن خرج من "الكرخ" مسافراً، وبلغ مدينة "منصور" أن يقصر الصلاة؛ لأنها بلد آخر.
وإذا أقيمت جمعتان في بلد، ففيه خمس مسائل:
إحداها: إذا سبقت إحدى الجمعتين، وعرف السابق فهي صحيحة، وعلى الآخرين إعادة الظهر والسبق يقع بتحريمة الصلاة على الصحيح من المذهب، فمن سبق بها فجمعتهم صحيحة، وإن سبقت الأخرى بالخُطبة، أو بالتسليم.
وقيل: الاعتبار بسبق الخطبة.
الثانية: إذا وقعتا معاً فهما باطلتان، ويعيدون جميعاً الجمعة.
الثالثة: إذا احتمل وقوعهما معاً، واحتمل السبق، فهكذا يعيدون الجمعة.
الرابعة: إذا سبقت إحداهما، وعلمت السابقة، ثم اشتبهت، فعلى الطائفتين جميعاً إعادة الظهر، ولا يجوز إعادة الجمعة لعلمنا بصحة الجمعة التي سبقت.
الخامسة: إذا سبقت إحداهما يقيناً، ولم يعلم السابقة، نص الشافعي- رضي الله عنه- على أنهم يعيدون الجمعة؛ لأنه إذا لم تعلم السابقة كان كما لو احتمل وقوعهما معاً، واحتمل السبق.
وقال الربيع: فيه قول آخر، وهو القياس- أنهم جميعاً يعيدون الظهر، لأنا تيقنَّا

الصفحة 348