كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

باب التبكير إلى الجمعة والهيئة لها
روي عن أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرَّب بدنةً ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّب بيضة".
فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذِّكر.
قوله: غُسل الجنابة، أي: غسل كغسل الجنابة، واختلفوا في هذه الساعات.
قيل: هي ساعاتٌ لطيفة بعد الزوال؛ لأن الرواح اسم للخروج بعد الزوال.
وقيل: أراد ساعات النهار من وقت طلوع الفجر، وذلك بلفظ الرَّواح؛ لأنه خروج لأمر يكون بعد الزوال، وهذا القائل يقول: ساعات الليل والنهار لا تنتقص عدداً صيفاً ولا شتاءً عن اثني عشر، لكنها تطول وتقصر.
وقيل: تنتقص، فيعود في الشتاء ساعات النهار إلى تسعٍ، وليس المراد من الحديث حقيقة الساعات، بل المراد منه بيان فضل السابق على من جاء بعده.
التبكير إلى صلاة الجمعة سنَّة مستحبة، والسُّنة أن يغتسل ويتنظف ويأخذ الشعر والظفر والسِّواك، وما يقطع تغير الرائحة من جميع جسده حتى لا يتأذى به جاره، ويتطيب ويلبس أحسن ما يجد من الثياب، وأفضل الثياب البيض.

الصفحة 350