كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

الحارسة، ولحقته فسلم بهم جميعاً، كذلك فعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بـ "عسفان" عام "الحديبية" سنة ست من الهجرة، فلو تأخرت الطائفة التي حرست أولاً إلى الصف الثاني في الركعة الثانية، وتقدمت الطائفة الثانية للحراسة كان أحوط لأمر الحرب، وهو عمل قليل لا يبطل الصلاة، فلو حرس الصف الثاني في الركعة الأولى والصف الأول في الثانية جاز، ولو حرست طائفة واحدة في الركعتين جميعاً هل تصح صلاة تلك الطائفة؟.
قال الشافعي: رجوت أن يجزئهم، ولو أعادوا كان أحبَّ إلي، وهو على جوابين بناءً على القولين في الإمام إذا زاد على انتظارين.
وهل يجب حمل السلاح في صلاة الخوف؟ قال ها هنا: أحب أخذه.
وقال في موضع آخر: وأكره وضعه.
من أصحابنا من جعل في وجوب حمل السلاح قولين:
أحدهما: لا يجب، بل يستحب احتياطاً.
والثاني: يجب؛ لأن الله- تعالى- قال: {وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] أمر بالأخذ، والأمر للوجوب وأيضاً قال: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [النساء: 102] رفع الجناح في وضع السلاح عند العذر دل على أنه يعصي بوضعه عند عدم العُذر.
ومنهم من قال: يجب قولاً واحداً.
قوله: "وأكره الوضع"- أراد كراهية التحريم.
ومنهم من قال: لا يجب قولاً واحداً، لأن السلاح إنما يجب حمله للقتال، وهو في الصلاة غير مقاتل، فحيث قلنا: يأخذ إنما يأخذ إذا كان طاهراً، فإن كان نجساً لا يجوز

الصفحة 361