كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

يقطع؟ قال أصحابنا على هذا: يقطع عقيب الصبح من آخر أيام التشريق؛ فيكون مكبراً خلف ثماني عشرة صلاة. فمن أصحابنا من جعل المسألة على ثلاثة أقوال، ومنهم من قال: مذهبه القول الأول. وحيث قال: يبتدئ عقيب الصبح من يوم "عرفة"- حكاية مذهب الغير، وحيث قال: عقيب المغرب من ليلة النحر- أراد به: التكبيرات المرسلة.
وقال أبو حنيفة: يبتدئ عقيب الصبح من يوم "عرفة"، ويختم عقيب العصر من يوم النحر، فيكون مكبراً خلف ثماني صلوات؛ ويروى ذلك عن ابن مسعود. ثم لا خلاف أن التكبير مشروع عقيب فرائض الأوقات في هذه الأيام لنقل الخلف عن السلف. وفيه ثلاثة معاني.
أحدها: لأنها فريضة مؤداة في وقتها في أيام التكبير.
والثاني: لأنها صلاة مشروعة في أيام التكبير.
والثالث: لأنها صلاة مفعولة في أيام التكبير، وفائدتها تبين في السنن الرواتب. وصلاة العيد هل يكبَّر خلفها؟ فيه قولان:
إن قلنا: بالمعنى الأول لا يكبر. وإن قلنا: بالمعنيين الآخرين يكبر. فلو صلى في أيام التكبير نافلة؛ هل يكبر خلفها؟
إن قلنا: بالمعنيين الأولين لا يكبر، وإن قلنا بالمعنى الثالث يكبر.
وإن فاتته صلاة في أيام التكبير، فقضاها في غير أيام التكبير- لا يكبر خلفها؛ لأن التكبير مختص بهذه الأيام. وإن فاتته في هذه الأيام، وقضاها فيها: فإن قلنا: بالمعنى الأول لا يكبر، وإن قلنا: بالمعنيين الآخرين يكبر. ولو فاتته في غير أيام التكبير، وقضاها في أيام التكبير إن قلنا: بالمعنيين الأولين لا يكبر: وإن قلنا بالثالث يكبر. وهذا التكبير مسنونٌ في حق الرجال والنساء، والمقيم والمسافر؛ سواء صلى في الجماعة أو منفرداً وقال أبو حنيفة: لا يكبر المنفرد، ولا المرأة، ولا المسافر.
ولو نسي التكبير خلف الصلاة، فتذكر- والفصل قريب- كبر، وإن فارق مصلاه كبَّر حيث كان، وإن كان بعد طول الفصل هل يكبر؟.
فيه وجهان؛ بناءً على أنه لو نسي سجود السهو، وتذكر بعد طول الفصل هل يسجد؟ فيه قولان.
المسبوق بركعة لا يكبر مع الإمام؛ لأن صلاته لم تتم، فإذا أتم صلاته كبر.
والتكبير: أن يقول: الله أكبر ثلاث مرات نسقاً. وعند أبي حنيفة: يقول مرتين.

الصفحة 383