كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

ويرفع يديه حذو منكبيه مع كل تكبيرة، ويقرأ في الأولى بعد فاتحة الكتاب بـ {ق}، وفي الثانية {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ} ومن أصحابنا من قال: يقرأ في الأولى بـ {ق}، وفي الثانية سورة نوح؛ لأن فيها ذكر الاستسقاء. قال الله- تعالى- إخباراً عن نوح: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح: 10، 11] ويجهر بالقراءة، ثم بعد الفراغ من الصلاة يخطب قائماً خطبتين؛ كما في العيد، إلا أنه يبدأ بالاستغفار بدل التكبير، ويكثر في أثنائها الاستغفار، ويقول: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح: 10، 11].
فإذا قام إلى الخطبة الثانية، وأتى ببعضها- حول وجهه إلى القبلة، وحول رداءه؛ فجعل طرفه الأسفل الذي على شقة الأيسر على عاتقه الأيمن، وطرفه الأسفل الذي على شقة الأيمن على عاتقه الأيسر؛ فيحصل به التقليب والتنكيس. فلو حوله ولم ينكس جاز. هذا وإذا كان الرداء مربعاً؛ فإن كان مثلثاً أو مدوراً جعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر، وما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن.
وقال أحمد وإسحاق: كيف ما كان الرداء يجعل اليمين على الشمال، والشمال على اليمين.
روى عبد الله بن زيد قال: استسقى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليه خميصةٌ سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها، فيجعله أعلاها، فملا ثقلت عليه قلبها على عاتقه.
ويستحب للناس أن يفعلوا ذلك. وهذا كله للتفاؤل لتقلُّب الزمان إلى الخصب.
وإذا تحول إلى القِبلة رفع يديه، ودعا سراً والناس كذلك يفعلون.
روي عن أنس: قال: كان النبي- صلى الله عليه وسلم- لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء؛ فإنه كان يرفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه.

الصفحة 395