كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

والدليل على ما قلنا: ما روي عن ابن عباس؛ أن رجلاً كان مع النبي- صلى الله عليه وسلم- فوقصته ناقته وهو محرم؛ فمات. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "اغسلوه بماء وسدرٍ، وكفِّنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمِّروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبِّياً".
أما التجمير عند غسله: فلا يمنع منه؛ كما لا يحرم على المحرم الجلوس عند العطَّار.
وإذا ماتت المعتدة الحادة، هل يجوز تطييبها؟ ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأنه كان حراماً عليها في الحياة؛ كالمحرم.
والثاني: يجوز؛ لأن التحريم في حال الحياة كان لإظهار التفجُّع على فراق الزوج، وقد زال ذلك؛ بخلاف المحرم؛ فإنالتحريم في حقه كان لحقِّ الله تعالى؛ وذلك لا يزول.
فصلٌ: فيمن يغسِّل الميت
قال الشافعي: أولاهم بغسله أولاهم بالصلاة عليه.
وهذا إذا كان الميت رجلاً، وله عصباتٌ من القرابة؛ فترتيبهم في غسله كترتيبهم في الصلاة عليه؛ حتى أن الأب أولى من الابن، والابن أولى من الأخ، وإن كان الميت امرأة فلا. فإن الزوج أولى بغسلها من الأب؛ لأنه ينظر إلى ما لا ينظر إليه الأب، [والأب] والقريب أولى بالصلاة عليها؛ لأن الصلاة للدعاء ودعاء الأب والقريب أرجى لأنه أشفق، وكذلك الخال أولى بالغسل من ابن العم؛ لأنه محرم وابن العم أولى بالصلاة عليها. وترتيب نساء القرابة في غسل المرأة هو أن أولاهنَّ ذات رحم محرم، ثم ذات رحم غير محرم. تقدم

الصفحة 413