كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

روي عن علي؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تغالوا في الكفن: فإنه يسلب سلباً سريعاً".
والأبيض أحبُّ إلينا من المصبوغ في حق الرجال والنساء جميعاً؛ لما روي عن ابن عباس؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: [إن] من خير ثيابكم البيض؛ فليلبسها أحياؤكم، وكفِّنوا فيها موتاكم".
ولا يجوز تكفين الرجال في الديباج، ويجوز تكفين النساء فيه، غير أن القطن أحبُّ إلينا. والفرض من الكفن ثوبٌ سابغٌ يستر جميع بدن الميت. والمستحب أن يجمَّر الكفن بالعود، إلا أن يكون الميت مُحرماً، والعود أحب إلينا من المسك وغيره المرَّاة وهو النَّي أولى، والمسك جائز.
ثم يبسط أحسن الثياب وأوسعها، ثم الثانية فوقها، ثم الثالثة التي تلي الميت؛ لأن الحي يظهر أحسن ثيابه. ويذر فيما بين الأكفان والميت الحنوط والكافور، ثم يوضع الميت فوق العليا منها مستلقياً، ثم يأخذ شيئاً من قطن منزوع الحب؛ فيجعل فيه الحنوط والكافور. فيدخل فيما بين أليتيه إدخالاً بليغاً؛ ليرد شيئاً إن جاء منه عند التحريك. فقد قيل: يدخل في صرمِهِ؛ لأن مجرد الإلصاق بالصَّرم لا يمنع خروج الخارج، إنما يمنعه الإدخال. ولا يكره ذلك؛ لما فيه من المصلحة. وقيل: يكره الإدخال، بل يفضي إليه، ثم يجعل تحتها شيئاً كالسُّفرة يضم أليتيه، ثم يأخذ خرقة مشقوقة الطرفين تأخذ أليتيه وعانته؛ فيشدها عليه فوق السفرة كالتُّبَّان الواسع، ثم نأخذ شيئاً من قطن؛ فيجعل عليه حنوطاً، أو

الصفحة 418