كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

كافوراً؛ فيضعه على منافذه من العين والأذن والفم والمنخر والجروح النافذة. ويجعل الطيب على مساجده وهي الأعضاء السبعة إلزاماً، ويحنط رأسه ولحيته بالكافور، ويوضع الميت على الكفن؛ بحيث ما يفضل من الثوب الأعلى يكون عند رأسه أكثر مما عند رجليه؛ فإن الحي يجعل فضل ثيابه على رأسه، وهي العمامة، ثم الثوب الذي يلي الميت تثنى ضفَّته التي تلي شقَّه الأيسر على شقه الأيمن، والتي تلي الأيمن على الأيسر، والثانية كذلك، ثم الثالثة؛ كما يشتمل الحي بالقباء، وما فضل عند رأسه جمعه جمع العمامة، ثم يرد على وجهه، وما فضل عند قدميه رده على ظهور قدميه إلى حيث يبلغ.
وإن خيف من انتشار الأكفان عند الحمل يشدُّ عليه ثم يحلُّ إذا وضع في القبر.
وكفن الميت يكون من رأس تركته، وكذلك الحنوط ومؤنة الدفن مقدمة على الديون والوصايا والميراث؛ كما أن كفاية الحي تكون مقدمة على ديونه، إلا أن يكون عليه زكاة، والمال الذي وجب فيه الزكاة قائم؛ فالزكاة مقدَّمة على الكفن والقبر؛ لأن ذلك [القدْر] تعلق به حقُّ المساكين؛ فيجعل كالمعدوم؛ كما لو كان المال مرهوناً، أو كان عبداً جانياً لا يباعُ الرَّهنُ، ولا العبد الجاني في الكفن.
ويكفن في ثلاثة أثواب من تركته إن لم يكن عليه دينٌ يستغرق التركة.
فإن قال بعض الورثة: لا نكفنه إلا في ثوب واحد؛ ففيه وجهان:
أحدهما: يكفن في ثوب واحد؛ لأنه الواجب.
والثاني: وهو الأصح-: يكفن في ثلاثة أثواب؛ لأنها الكفن المسنون.
فإن اتفقوا على ثوب واحد جاز، وإن اختلفوا في الغلظ والرِّقَّة يراعي حال الميت فيما كان يلبس. ولو لم يترك إلا ثوباً واحداً، كُفِّن فيه، ولا يجب على من هو في نفقته، ولا على المسلمين أن يتموه ثلاثاً.
وإن كان عليه دينٌ يستغرق التركة؛ فقال الغرماء: لا نكفِّنُه إلا في ثوب واحد- ففيه وجهان:
أحدهما: يكفن في ثلاثة أثواب؛ كالحي المُفلس لا يباع عليه ثوب يحمله.
والثاني: يكفن في ثوب واحد؛ لأنه لا يحتاج إلى التقلُّب؛ بخلاف الحي.

الصفحة 419