كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

والثاني: نص عليه: يسقط به الفرض؛ لأن المراهق يصلح إماماً؛ حتى قال: القريب المراهق أولى بالصلاة على الميت من الأجنبي البالغ.
ولو أمَّ صبي في صلاة الجنازة يجوز، ولو صلَّت جماعة من النساء على جنازة جاز؟ ويصلين فرادى؛ لأن النساء لا تسنَّ لهن الجماعة في الصلاة على الميت، فإن صلين جماعة؛ فلا بأس؟ ويقف إمامهن وسطهن، وإن كان الفرض لا يسقط بهن.
وإن بان حدث الإمام، أو بعض المأمومين بعد الصلاة؛ فالفرض ساقطٌ إذا بقي من المتطهرين قدرُ الكفاية.
والوليُّ أولى بالصلاة من الوالي؛ لأن هذا من قضاء حقِّ الميت؛ كالتَّكفين والدفن، ولأنها من الأمور الخاصة؛ فالولي فيه أولى من الوالي؛ كولاية التزويج.
وقال أبو حنيفة: الوالي أولى، ثم إمام المسجد أولى، ثم الولي. وهو قول الشافعي في القديم. وأولى الأولياء الأب، ثم الجد أب الأب وإن علا، ثم الابن، ثم ابن الابن وإن سفل. وإنما قدَّمنا الأب على الابن؛ لأن المقصود منه الدُّعاء، وشفقة الأب أكثر؛ فيكون دعاؤه أقرب إلى الإجابة ثم الأخ للأب والأم، ثم الأخ للأب. وقيل: فيه قولان؛ كما في ولاية النكاح:
أحدهما: الأخ للأب والأم أولى.
والثاني: هما سواء. والأصح هو الأول؛ أن الأخ للأب والأم أولى قولاً واحداً؛ لأن قرابة الأم تثبت لهم ولاية الصلاة على الميت في الجملة؛ فيرجح بها، ولا يثبت بها ولاية النكاح؛ فلم يثبت بها الترجيح.
ثم ابن الأخ للأب والأم، ثم ابن الأخ للأب، ثم العم للأب ثم ابن العم للأب والأم، على هذا الترتيب، ثم عمُّ الأب، ثم عم الجد؛ على ترتيب عصبات الميراث.
وإذا اجتمع وليان في درجة واحدة فالأسنُّ أولى من الأفقه والأقرأ إذا كان يحسن الصلاة؛ لأن دعاءه أقرب إلى الإجابة، فإن لم يكن الأسن محموداً فالأفقه أولى، فإن استويا يقرع بينهما، فإن كان أحدهما رقيقاً فالحر أولى، والعبد المكاتب القريب أولى من الأجنبي الحر. وإن كانا قريبين- والرقيق أقرب- ففيه وجهان:

الصفحة 429