كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

حتى يصير الميت تراباً، وإذا صار الميت تراباً في المقبرة جاز نبش قبره، ودفن غيره فيه، وقيل أن يصير تراباً لا يجوز، ويرجع إلى أهل الخبرة بتلك الأرض، ولا يسوي التراب على القبر القديم: ليتصور بصورة الجديد حتى يدفن فيه غيره.
ولو حُفِر قبرٌ؛ فوجد فيه عظام- يعاد التراب عليه.
ولو دفن ميت قبل الغسل، أو إلى غير القبلة- ينبش القبرُ، ويغسل، ويحول إلى القبلة ما لم يتغير، فإن تغير لا يُنبش؛ لأن التوجه إلى القبلة يسقط بالعُذر، وإن دفن قبل أن يصلي عليه يصلي على القبر، وإن دفن من غير كفنٍ، هل ينبش؟ فيه وجهان:
أحدهما: ينبش، ويكفن؛ كما يُنبش للغسل.
والثاني: لا ينبش؛ لأن المقصود من الكفن السَّتر، وقد حصل الستر بالدفن.
ولو دفن في ثوب مغصوب، أو وقع خاتم إنسان، أو متاع آخر في القبر يُنبش، ويرد الثوب والمتاع إلى المالك.
ويكره أن يجعل الميت في التابوت، إلا أن تكون الأرض رخواً أو نديّاً، ولو أوصى به لا تمتثل وصيته إلا في مثل هذا الموضع ثم التابوت يكون من رأس المال.
ويكره نقل الميت من بلد إلى آخر، وإن مات رجل في سفينة: فإن كان الساحل قريباً؛ دفن في البر، وإن لم يكن؛ غسل وكفن وصلى عليه، ثم وضع على لوح، فطرح في الماء.
ولا يجمع بين اثنين في قبر واحد، فإن كثر الموتى، ودعت إليه الضرورة- جاز، ويقدم إلى القبلة أفضلهم، فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين الرَّجلين من قتلى أُحُدٍ، ثم يقول: "أيهم أكثر أخذاً للقرآن". فإذا أشير له إلى أحد قدَّمه في اللَّحد.
وروي عن هشام بن عامر؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال يوم "أحد": "احفروا وأوسعوا وأعمقوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد وقدِّموا أكثرهم قرآناً".

الصفحة 447