كتاب تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل (اسم الجزء: 2)

الطعام وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ يعني أنهم وجدوا في متاعهم ثمن الطعام الذي كانوا قد أعطوه ليوسف قد رد عليهم ودس في متاعهم قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي يعني ماذا نبغي وأي شيء نطلب وذلك أنهم كانوا قد ذكروا ليعقوب إحسان ملك مصر إليهم وحثوا يعقوب على إرسال بنيامين معهم فلما فتحوا متاعهم ووجدوا بضاعتهم قد ردت إليهم قالوا أي شيء نطلب من الكلام بعد هذا العيان من الإحسان والإكرام أوفى لنا الكيل ورد علينا الثمن، وأرادوا بهذا الكلام تطييب قلب أبيهم هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا يقال مار أهله يميرهم ميرا إذا حمل لهم الطعام وجلبه من بلد آخر إليهم والمعنى إنا نشتري لأهلنا الطعام ونحمله إليهم وَنَحْفَظُ أَخانا يعني بنيامين مما تخاف عليه حتى نرده إليك وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ يعني ونزداد لأجل أخينا على أحمالنا حمل بعير من الطعام ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ يعني إن ذلك الحمل الذي نزداد من الطعام هين على الملك لأنه قد أحسن إلينا وأكرمنا بأكثر من ذلك وقيل معناه أن الذي حملناه معنا كيل يسير قليل لا يكفينا وأهلنا.

[سورة يوسف (12): الآيات 66 الى 68]
قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (66) وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (68)
قالَ يعني قال لهم يعقوب لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ يعني لن أرسل معكم بنيامين حتى تؤتون عهد الله وميثاقه والموثق العهد المؤكد باليمين، وقيل هو المؤكد بإشهاد الله عليه لَتَأْتُنَّنِي بِهِ دخلت اللام هنا لأجل اليمين وتقديره حتى تحلفوا بالله لتأتنني به إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ قال مجاهد: إلا أن تهلكوا جميعا فيكون عذرا لكم عندي، لأن العرب تقول أحيط بفلان إن هلك أو قارب هلاكه.
وقال قتادة: إلا أن تغلبوا جميع فلا تقدروا على الرجوع فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ يعني فلما أعطوه عهدهم وحلفوا له قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ يعني قال يعقوب الله شاهد على ما نقول كأن الشاهد وكيل بمعنى أنه موكول إليه هذا العهد، وقيل وكيل بمعنى حافظ.
قال كعب الأحبار: لما قال يعقوب «فالله خير حافظا» قال الله تعالى: «وعزتي وجلالي لأردن عليك كليهما بعد ما توكلت علي وفوضت أمرك إليّ» وذلك أنه لما اشتد بهم الأمر وضاق عليهم الوقت وجهدوا أشد الجهد لم يجد يعقوب بدا من إرسال بنيامين معهم فأرسله معهم متوكلا على الله ومفوضا أمره إليه.
قوله عز وجل إخبارا عن يعقوب وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وذلك أنهم لما خرجوا من عند يعقوب قاصدين مصر قال لهم يا بني لا تدخلوا يعني مدينة مصر من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وكان لمدينة مصر يومئذ أربعة أبواب، وقال السدي: أراد الطرق لا الأبواب يعني من طرق متفرقة وإنما أمرهم بذلك لأنه خاف عليهم العين لأنهم كانوا قد أعطوا جمالا وقوة وامتداد قامة وكانوا أولاد رجل واحد فأمرهم أن يتفرقوا في دخولهم المدينة لئلا يصابوا بالعين فإن العين حق، وهذا قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وجمهور المفسرين (ق).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن العين حق» زاد البخاري «ونهى عن الوشم» (م) عن

الصفحة 540