كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

وامسح لنا عن مقلتيك من الكرى ... نوما تكابد من بكا وسهاد
هذا الصباح ولا تهبّ إلى متى ... طال الرّقاد ولات حين رقاد
وكأنما قال الرّدى نم وادعا ... سبقت إلى البشرى بحسن معاد
أموسّدا تلك الرخام بمرقد ... أخشن به من مرقد ووساد
خصبت بقدرك حفرة فكأنها ... من جوفها في مثل حرف الصّاد
وثّر لجنبك من أثاث مخيّم ... ترب النّدى «1» وصفائح أنضاد
يا ظاعنا ركب السّرى في ليلة ... طار الدليل بها وحاد الحادي
أعزز علينا إن حططت بمنزل ... تبلى «2» عن الزّوار والعوّاد
جار الأفراد هنالك جيرة «3» ... سقيا لتلك الجيرة الأفراد!
الساكنين إلى المعاد، قبابهم ... منشورة الأطناب والأغماد
من كل ملقية الجراب بمضرب ... ناب البلى فيه عن الأوتاد
بمعرّس السّفر الألى ركبوا السّرى ... مجهولة الغايات والآماد
سيّان فيهم ليلة ونهارها ... ما أشبه التّأويب بالإسناد
لحق البطون من اللّعب على الطّوى «4» ... وعلى الرّواحل عنفوان الزاد
لله هم فلشدّ ما نفضوا من ام ... تعة الحياة «5» حقائب الأجساد
يا ليت شعري والمنى لك جنّة ... والحال مؤذنة بطول بعاد
هل للعلا بك بعدها من نهضة ... أم لانقضاء نواك من ميعاد؟
بأبي وقد ساروا بنعشك صارم ... كثرت حمائله على الأكتاد «6»
ذلّت عواتق حامليك فإنّهم ... شاموك في غمد بغير نجاد
نعم الذّماء «7» البرّ ما قد غوّروا ... جثمانه بالأبرق المنقاد
علياء «8» خصّ بها الضريح وإنما ... نعم الغوير بأبؤس الأنجاد

الصفحة 361