كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

ولا تصفن أمواهها لي فإنها ... لنيران أشواقي إليها محارك
ومن حال عن عهد أو اخفر ذمّة ... فإني على تلك العهود لرامك
سقى منزلي فيها وإن محّ رسمه ... عهاد الغوادي والدّموع السّوافك
وجادت ثرى قبر بمسجد صالح ... رواعدها والمدخمات الحواشك
ولا أقلعت عن دار يونس مزنة ... يروّي صداه قطرها المتدارك
إلى أن يروق النّاظرين رواؤها ... ويرضي الرّعاوى نبتها المتلاحك
ويصبح من حول الحيا في عراصها ... زراق تحاكي بسطها ودرانك «1»
ولا برحت منه ملائكة الرّضى ... تصلّي على ذاك الصّدى وتبارك
وطوبى لمن روى منازله الحيا ... وبشرى لمن صلّت عليه الملائك
ألا ليت شعري هل تقضّى لبانتي ... إذا ما انقضت عشر عليها دكادك
وهل مكّن الطّيف المغبّ زيارة ... فيرقب أو تلقى إليه الرّوامك
وهل تغفل الأيام عنها بقدر ما ... تؤدي إليها بالعتاب الحالك
ويا ليت شعري أي أرض تقلّني ... إذا كلّ عن رحلي الجلال اللكالك
وأي غرار من صفاها يحثني ... إذا فقدتني مسّها والدّكادك
إذا جهل الناس الزمان فإنني ... بدونهم دون الأنام لحاتك
تثبّت إذا ما قمت تعمل خطوة ... فإن بقاع الأرض طرّا شوائك
ولا تبذلن «2» وجها لصاحب نعمة ... فما مثل بذل الوجه للسّتر هاتك
تجشّم إن «3» استطعت واحذر أذاهم ... ولا تلقهم إلّا وهرّك شانك
فكلّ على ما أنعم الله حاسد ... وكلّ إذا لم يعصم الله حاسك
ولا تأس «4» ريبة الزمان فإنه ... بمن فات منّا لا محالة فاتك
تمنّى مصاب بربر وأعاره ... وترضى ذكامي فارس والهنادك
وبدّرت ليل الجون حوض لجاجها «5» ... وتعرف إقدامي عليها المهالك
فما أذعنت إلّا إليّ عشار ... ولا أصفقت إلّا عليّ الشكاشك
ولا قصدت إلا فنائي وقودها ... ولن أملت إلّا قتامي الضرارك
به شرفت أذواؤها وملوكها ... كما شرفت بالنّويهار البرامك

الصفحة 381