كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

فلا تدعون غيري لدفع ملمّة ... إذا ما دهى من حادث الدهر داهك «1»
فما إن لذاك الصوت غيري سامع ... وما إن لبيت المجد بعدي سامك «2»
يغصّ ويشجى نهشل ومجاشع ... بما أورثتني حمير والسكاسك «3»
تفارقني روحي «4» التي لست غيرها ... وطيب ثنائي «5» لاصق بي صائك «6»
وماذا عسى ترجو لداتي وأرتجي ... وقد شمطت منا «7» اللّحا والأفانك «8»
يعود لنا شرخ الشّباب الذي مضى ... إذا عاد للدّنيا عقيل ومالك
ومن شعره أيضا قوله: [الكامل]
سحّت بساحك يا محلّ الأدمع ... وتصرّمت سقّا عليك الأضلع
ولطالما جادت ثرى الآمال من ... جاوي مؤمّلك الغيوث الهمّع
لله أيام بها قضّيتها ... قد كنت أعلم أنها لا ترجع
فلقد رشفت بها رضاب مدامة ... بنسيم أنفاس البديع تشعشع
في روضة يرضيك منها أنها ... مرعى لأفكار النّدام ومشرع
تجري بها فقر سكنت رهانها ... أجدى بميدان الكلام وأسرع
فقر كريعان الشباب وعهدنا ... بجنابها وهو الجناب الأمنع
نفّاثة الأنواء في عقد الثّرى ... والنّفث في عقد الثّرى لا يمنع
حتى إذا حاك الربيع برودها ... وكسا رباها وشيه المتنوّع
بدأت كمائم زهرها تبدي بها ... بدعا تفرّق تارة وتجمّع
قد صمّ منها ما تجمّع مغلق ... إذ بتّ منها ما تفرّق مصقع
وكلاهما مهما أردت مسالم ... ومحارب ومؤمّن ومروّع
كلّ له شرع البيان محلّل ... ومنكر «9» في مثل هذا مدفع
حيث ازدهت أنوار كلّ حديقة ... أدبا ينظّم تارة ويسجّع

الصفحة 382