كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

ومن شعره قوله يمدح ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم، وهي من مشاهير أمداحه «1» : [الطويل]
سل الرّيح إن لم تسعد السّفن أنواء ... فعند صباها من تلمسان أنباء
وفي خفقان البرق منها إشارة ... إليك بما تنمي إليها «2» وإيماء
تمرّ الليالي ليلة بعد ليلة ... وللأذن إصغاء وللعين إكلاء «3»
وإني لأصبو للصّبا كلّما سرت ... وللنّجم مهما كان للنّجم إصباء «4»
وأهدي إليها كلّ حين «5» تحيّة ... وفي ردّ إهداء التحية إهداء
وأستجلب النوم الغرار ومضجعي ... قتاد كما شاءت نواها وسلّاء «6»
لعلّ خيالا من لدنها يمرّ بي ... ففي مرّه بي من جوى الشوق إبراء
وكيف خلوص الطّيف منها وحولها «7» ... عيون لها في كلّ طالعة راء
وإني لمشتاق إليها ومنبئ ... ببعض اشتياقي لو تمكّن إنباء
وكم قائل تفنى غراما بحبّها ... وقد أخلقت منها ملاء وأملاء «8»
لعشرة أعوام عليها تجرّمت ... إذا مضى قيظ بها جاء إهراء «9»
يطنّب فيها عائثون وخرّب «10» ... ويرحل عنها قاطنون وأحياء «11»
كأنّ رماح الذاهبين «12» لملكها ... قداح، وأموال المنازل أبداء «13»
فلا تبغين فيها مناخا لراكب ... فقد قلّصت منها ظلال وأفياء
ومن عجبي «14» أن طال سقمي ونزعها ... وقسّم إضناء علينا وإطناء «15»
وكم أرجفوا غيظا بها ثم أرجأوا ... فيكذب إرجاف ويصدق إرجاء

الصفحة 385