كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

ومن شعره قوله: [المتقارب]
أطار فؤادي برق ألاحا ... وقد ضمّ بعد لوكر جناحا
كأنّ تألّقه في الدّجى ... حسام جبان يهاب الكفاحا
أضاء وللعين إغفاءة ... تلذّ إذا ما سنا الفجر لاحا
كمعنى خفيّ بدا بعضه ... وزيد بيانا فزاد اتّضاحا
كأن النجوم وقد غربت ... نواهل ماء صدرن قماحا
لواغب باتت تجدّ السّرى ... فأدركها الصبح روحي طلاحا
وقد لبس الليل أسماله ... فمحّت عليه بلا وانصياحا
وأيقظ روض الرّبا زهره ... فحيّا نسيم صباه الصّباحا
كأنّ النهار وقد غالها ... مبيت مال حواه اجتياحا
أتى يستفيض دموعي امتياحا ... ويلهب نار ضلوعي اقتداحا
فلم يلق دجن انتحابي شحيحا ... ولم يلف زند اشتياقي شحاحا
ولولا توقّد نار الحشا ... لأنفدت ماء جفوني امتياحا
وممّا يشرّد عني الكرى ... هديل حمام إذا نمت صاحا
ينوح عليّ وأبكي له ... فأقطع ليلي بكا أو نياحا
أعين، أريحي أطلت الأسى ... عليك وما زدت إلّا انتزاحا
دعيني أرد ماء دمعي فلم ... أرد بعد مائك ماء قراحا
أحنّ إليك إذا سفت ريحا ... وأبكي عليك إذا ذقت راحا
وأفنى التياحا إليك وكم ... أشحت بوجهي عنك اتّشاحا
ولولا سخائم قوم أبوا ... إيابي ركبت إليك الرّياحا
أباحوا حماي وكم مرة ... حميت حمى عرضهم أن يباحا
ودافعت عنهم بشعري انتصارا ... فكان الجزاء جلائي المتاحا
أباعوا ودادي بخسا فسل ... أكان سماحهم بي رباحا؟
وأغروا بنفسي طلابها ... سرارا فجاءوا لقتلي صراحا
وآلوا يمينا على أنّ ما ... توهّمت لم يك إلّا مزاحا
فشاورت نفسي في ذا فما ... رأت لي بغير الفلاة فلاحا
فبتّ أناغي نجوم الدّجى ... نجاء فلم ألق إلّا نجاحا

الصفحة 388