كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

أجوب الدياجير وحدي ولا ... مؤانس إلّا القطا والسّراحا «1»
وإلّا الثعالب تحتس في ... مبيتي فتملأ سمعي ضباحا «2»
أجوز الأفاحيص فيحا قفارا ... وأعرو الأداحيّ غبرا فساحا «3»
فأعيي شوارد هذي عداء ... وأعلو لواغي تلك صياحا
وجوّاب بدو إذا استنبحوا ... أجابوا عواء وأمّوا النّباحا
يرون قتالي في الحجر حلّا ... وإذهاب نفسي فيه مباحا
قصدت هناهم فلم أخطهم ... أعاجم شوس العيون قباحا
فسل كيف كان خلاصي من ... أسارهم أسرى أم سراحا؟
ولا مثل بيت تيمّمته ... فلم ألف إلّا الغنا والسّماحا
عيابا ملاء ونيبا سمانا ... وغيدا خدالا وعودا أقاحا «4»
وإلّا أعاريب شمّ الأنوف ... كرام الجدود فصاحا صباحا
وإلّا يعافير سود العيون ... يرين فساد المحبّ صلاحا
يردّدن فينا لحاظا مراضا ... يمرّضن منّا القلوب الصّحاحا
وتحت الوجاح طلا ربرب «5» ... لو أنّ «6» القيان رفعن الوجاحا
أراني محاسن منه فلم ... أطق عن حماه بقلبي براحا
محيّا وسيما وفرعا أثيثا ... وقدّا قويما وردفا رداحا
وأبدى لعيني بدائع لم ... يدع لي عقلا بها حين راحا
إذا لم يرد غير سفك دمي ... فحلّ وبلّ «7» له ما استباحا
وما زلت سمحا بنفسي كذا ... متى ما رأيت الوجوه الملاحا
وبابن رشيد تعوّذت من ... هواه فقد زدت فيه افتضاحا
وقد ضاق صدري عن كتمه ... وأودعته جفن عيني فباحا

الصفحة 389