كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

وبابن رشيد تعوّذت من ... خطوب أجلن عليّ القداحا
ألحّ الزمان بأحداثه ... فألقيت طوعا إليه السّلاحا
أعاد شبابي مشيبا كما ... سمعت وصيّر نسكي طلاحا «1»
وفرّق بيني وبين الأهيل ... ولم ير ذا عليه جناحا
أخي وسمييّ، أصخ مسعدا ... لشجو حزين إليك استراحا
فقد جبّ ظهري على ضعفه ... كداما وأدهى شواتي نطاحا «2»
وطوّح بي عن تلمسان ما ... ظننت فراقي لها أن يتاحا
وأعجل سيري عنه ولم ... يدعني أودّع تلك البطاحا
نأى بصديقك عن ربعه ... فكان له النّأي موتا صراحا «3»
وكان عزيزا على قومه ... إذا هاج خاضوا إليه الرّماحا
فها هو إن قال لم يلتفت ... إليه امتهانا له واطّراحا
عجبت لدهري هذا وما ... ألاقي مساء به وصباحا
لقد هدّ منّي ركنا شديدا ... وذلّل منّي حياء لقاحا
وقيت الرّدى من أخ مخلص ... لو اسطعت «4» طرت إليه ارتياحا
وإني على فيح ما بيننا ... لأتبع ذاك الشّذا حيث فاحا
أحنّ إليه حنين الفحول ... ونوح الحمام إذا هو ناحا
وأسأل عنه هبوب النّسيم ... وخفق الوميض إذا ما ألاحا
وإن شئت عرفان حالي وما ... يعانيه جسمي ضنى أو صحاحا
فقلب يذوب إليك اشتياقا ... وصدر يفاح إليك انشراحا
وغرس وداد أصاب فضاء ... نديّا وصادف أرضا براحا
كراسخ مجد تأثّلته ... فلم تخش بعد عليه امتصاحا
وعلياء بوّئتها لو بغى ... سموّا إليها السّماك لطاحا
مكارم جمّعت أفذاذها ... فكانت لعطف علاك وشاحا
ودرس علوم تهيم بها ... عمرت الغدوّ به والرّواحا

الصفحة 390