كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

نشأت عن الخير واعتدته ... فلم تدر إلّا التّقى والصّلاحا
وقمت لها أيّما رحلة ... كسحت المعارف فيها اكتساحا
بهرت رجال الحديث اقتداء ... وفتّ رجال الكمال اقتراحا
فما إن جليس إذا قلت قال ... أو أنّ «1» الخطيب إذا لحت لاحا
ولو لم تحجّ بها مكة ... لحجّ الملائك عنك صراحا
وأما أنا بعد نهي النّهى ... فما زادني الطّبع إلّا جماحا
أدير كؤوس هواي اغتباقا ... وأشرب ماء دموعي اصطباحا
فبرّد جواي بردّ جواب ... توبّخ فيه مشي الوقاحا
وهنّ بنيّات فكري وقد ... أتيتك فاخفض لهنّ الجناحا
ومن شعره، رحمه الله، وله يمدح ذا الوزارتين المتقدم ذكره، ويذكر غفارة وجّهها له مع هدية: [الكامل]
كبت العدى، إنعامك البغت ... فلي الهناء «2» وللعدى الكبت
يا من إلى جدوى أنامله ... يزجى السّفين وتزجر البخت «3»
لولاك لم يوصل بناحية ... وخد ولم يقطع بها دشت «4»
لولاك لم يطلع بها نشر ... منه ولم يهبط بها خبت
خوّلتني ما لم تسعه يدي ... فأصابني من كثره غمت «5»
شتّى أياد كلما عظمت ... عندي تلكّأ خاطري الهتّ «6»
يعيا لساني عن إذاعتها ... ويضيق عن شكري لها الوقت
وطّأت لي الدنيا فلا عوج ... فيما أرى منها ولا أمت
أمكنتني منها فما ليدي ... ردء ولا لمقالتي عتّ
بالغت في برّي ولا نسب ... أدلي إليك به ولا حسب

الصفحة 391