كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 2)

اترك بني الدنيا وأعرض عنهم ... فعساك تطعم لذّة الإثلاج
نزّهت نفسي عنهم بنواله ... وحفظتها من جاهه بسياج
أصبحت من آلائه وولائه ... في عزّة ضحيا وعزّ داج
ولو انني «1» عجت الركاب ميمّما ... أحدا سواه ما حمدت معاجي «2»
طلق إذا احتلك الزمان أنار في ... ظلمائه كالكوكب الوهّاج
طود الرّصانة والرّزانة والحجا ... بحر النّدى المتلاطم الأمواج
وغمامه الهامي على آماله ... من غير إرعاد ولا إرعاج
وهزبر آجام القنا الضّاري إذا ... سقطت عواتمها على الأزجاج
ضمن الإله له على أعدائه ... ما شاء من ظفر ومن إفلاج
أبقى أبو عبد الإله محمد ... ما شاد والده أبو الحجّاج «3»
وبنى أبو إسحاق قبل وصنوه ... ركنا الضعيف ومعدنا المحتاج
وجرى على آثار أسلاف لهم ... درجوا وكلّهم على منهاج
ما منهم إلّا أعزّ مبارك ... مصباح ليل أو صباح عجاج
بيت بنوه من سراوة حمير ... في الذّروة العلياء من صنهاج
كم كان في الماضين من أسلافهم ... من ربّ إكليل وصاحب تاج
أساس كل رئاسة ورؤوس كل ... ل سياسة وليوث كل هياج
أعيت نجوم الليل من سهر وما ... أعيا أبو موسى من الإدلاج
حتى أصارته لرحمة ربّه ... يوم العقاب وقيعة الأعلاج
وأقيم نجل أخيه بعد مقامه ... فيهم يطاعن مثله ويواج
فردا يلفّ كتائبا بكتائب ... ويكبّ أفواجا على أفواج
حتى تجلّى دجن كلّ عجاجة ... عنهم وأمسك رعد كل ضجاج
من مثل يوسف في قراع كتائب ... ولقاء أعداء وخوض لجاج؟
أو من يشقّ من الأنام غباره ... في ردّ آراء ونقض حجاج

الصفحة 395