كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين (اسم الجزء: 2)

أَقَلُّ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ، وَلَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ، وَقُلْتُمْ: هِيَ زَائِدَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ، ثُمَّ أَخَذْتُمْ بِخَبَرٍ لَا يَصِحُّ بِوَجْهٍ مَا فِي أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا، وَلَمْ تَرَوْهُ زِيَادَةً عَلَى الْقُرْآنِ، وَقُلْتُمْ: هَذَا بَيَانٌ لِلَفْظِ السَّارِقِ؛ فَإِنَّهُ مُجْمَلٌ وَالرَّسُولُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ، كَيْفَ كَانَ هَذَا بَيَانًا وَلَمْ يَكُنْ حَدِيثُ التَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ بَيَانًا لِمُجْمَلِ قَوْلِهِ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] وَلَا تَأْتُونَ بِعُذْرٍ فِي آيَةِ الْقَطْعِ إلَّا كَانَ مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى مِنْهُ فِي آيَةِ الرَّضَاعِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّكُمْ رَدَدْتُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَقُلْتُمْ: هِيَ زَائِدَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ، وَجَوَّزْتُمْ الْوُضُوءَ بِالْخَمْرِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ الْمُسْكِرِ بِخَبَرٍ لَا يَثْبُتُ وَهُوَ خِلَافُ الْقُرْآنِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّكُمْ رَدَدْتُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْحَجِّ عَنْهُ، وَقُلْتُمْ: هُوَ زَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] ثُمَّ جَوَّزْتُمْ أَنْ تُعْمَلَ أَعْمَالُ الْحَجِّ كُلِّهَا عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَلَمْ تَرَوْهُ زَائِدًا عَلَى قَوْلِهِ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] وَأَخَذْتُمْ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَأَصَبْتُمْ فِي حَمْلِ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ عَنْ الْقَاتِلِ خَطَأً وَلَمْ تَقُولُوا هُوَ زَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] وَاعْتِذَارُكُمْ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ أَلْجَأَكُمْ إلَى ذَلِكَ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ - وَهُوَ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ - يَرَى أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُجْمِعَ الْأُمَّةُ عَلَى الْأَخْذِ بِالْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّكُمْ رَدَدْتُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اشْتِرَاطِ الْمُحْرِمِ أَنْ يَحِلَّ حَيْثُ حُبِسَ، وَقُلْتُمْ: هُوَ زَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَالْإِحْلَالُ خِلَافُ الْإِتْمَامِ، ثُمَّ أَخَذْتُمْ وَأَصَبْتُمْ بِحَدِيثِ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ، وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ قَطْعًا.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: رَدُّكُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ وَأَكْلِ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَقُلْتُمْ: ذَلِكَ زِيَادَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا ذَكَرَ الْغَائِطَ، ثُمَّ أَخَذْتُمْ بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ وَخَبَرٍ ضَعِيفٍ فِي إيجَابِهِ مِنْ الْقَيْءِ، وَلَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ إذْ هُوَ قَوْلُ مَتْبُوعِكُمْ؛ فَمِنْ الْعَجَبِ إذَا قَالَ مَنْ قَلَّدْتُمُوهُ قَوْلًا زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ قَبِلْتُمُوهُ وَقُلْتُمْ: مَا قَالَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَسَهْلٌ عَلَيْكُمْ

الصفحة 232