كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 2)

أرضاً بالمدينة ناقله بأرض له بالكوفة فقال عثمان بعتك ما لم أره فقال طلحة: إنما النظر لأني ابتعت مغيباً وأنت قد رأيت ما ابتعت فتحاكما إلى جبير بن مطعم فقضي على عثمان أن البيع جائز وأن النظر لطلحة لأنه ابتاع مغيباً ولأنه عقد على عين فجاز مع الجهل بصفته كالنكاح وقال في الجديد لايصح لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وفي هذا البيع غرر ولأنه نوع بيع فلم يصح مع الجهل بصفة المبيع كالسلم فإذا قلنا بقوله القديم فهل تفتقر صحة البيع إلى ذكر الصفات أم لا فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه لايصح حتى تذكر جميع الصفات المسلم فيه والثاني لا يصح حتى تذكر الصفات المقصودة والثالث أنه لايفتقر إلى ذكر شيء من الصفات وهو المنصوص في الصرف لأن الاعتماد على الرؤية ويثبت له الخيار إذا رآه فلا يحتاج إلى ذكر الصفات فإن وصفه ثم وجده على خلاف ما وصف ثبت له الخيار وإن وجده على ما وصف أو أعلى ففيه وجهان: أحدهما لاخيار له لأنه وجده على ما وصف فلم يكن له خيار كالمسلم فيه والثاني أن له الخيار لأنه يعرف ببيع خيار الرؤية فلا يجوز أن يخلو من الخيار وهل يكون له الخيار على الفور أم لا؟ فيه وجهان: قال ابن أبي هريرة هو على الفور لأنه خيار تعلق بالرؤية فكان على الفور كخيار الرد بالعيب وقال أبو إسحاق يتقدر الخيار بالمجلس لأن العقد إنما يتم بالرؤيا فيصير كأنه عقد عند الرؤية فيثبت له خيار كخيار المجلس وأما إذا رأى المبيع قبل العقد ثم غاب عنه ثم اشتراه فإن كان مما لايتغير كالعقار وغيره جاز بيعه وقال أبو القاسم الأنماطي: لايجوز في قوله الجديد لأن الرؤية شرط في العقد فاعتبر وجودها في حال العقد كالشهادة في النكاح والمذهب الأول لأن الرؤية تراد للعلم بالمبيع وقد حصل العلم بالرؤية المتقدمة فعلى هذا إذا اشتراه ثم وجده على الصفة الأولى أخذه وإن وجده ناقصاً فله الرد لأنه ماالتزم العقد فيه إلا على تلك الصفة وإن اختلفا فقال البائع لم يتغير وقال المشتري تغير فالقول قول المشتري لأنه يؤخذ منه الثمن فلا يجوز من غير رضاه وإن كان مما يجوز أن يتغير ويجوز أن لا يتغير أو يجوز أن يبني ويجوز أن لا يبقى ففيه وجهان: أحدهما أنه لايصح لأنه مشكوك في بقائه على صفته والثاني يصح وهو المذهب لأن الأصل بقاؤه على صفته فصح بيعه قياساً على ما لا يتغير.
فصل: وإن باع الأعمى أو اشترى شيئاً لم يره فإن قلنا أن بيع مالم يره البصير لا يصح لم يصح بيع الأعمى وشراؤه وإن قلنا يصح ففي بيع الأعمى وشرائه وجهان: أحدهما يصح كما يصح من البصير فيما لم يره ويستنيب في القبض والخيار كما يستنيب

الصفحة 15