كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 2)

العقدين وهذا لا يمنع صحة العقد كما لو جمع في البيع بين ما فيه شفعة وبين ما لا شفعة فيه وإن جمع بين البيع والنكاح بعوض واحد فالنكاح لا يبطل لأنه لا يبطل بفساد العوض وفي البيع قولان ووجههما ما ذكرناه وإن جمع بين البيع والكتابة فإن قلنا في البيع والإجارة أنهما يبطلان بطل البيع والكتابة وإن قلنا إن البيع والإجارة يصحان بطل البيع ههنا لأنه لا يجوز أن يبيع السيد من عبده وهل تبطل الكتابة يبني على تفريق الصفقة فإن قلنا لا تفرق بطل وإن قلنا تفرق بطل البيع وصحت الكتابة.
باب الربا
الربا محرم والأصل فيه قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} {البقرة: 275} وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275] روي في التفسير حين يقوم من القبر وروى ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه".
فصل: والأعيان التي نص على تحريم الربا فيها الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح والدليل عليه ما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والتمر بالتمر والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح إلا سواء بسواء عيناً فمن زاد أو استزاد فقد أربى فأما الذهب والفضة فإنه يحرم فيهما الربا لعلة واحدة وهو أنهما من جنس الأثمان فيحرم الربا فيهما ولا يحرم فيما سواهما من الموزونات والدليل عليه أن لا يجوز أن يكون تحريم الربا لمعنى يتعداهما إلى غيرهما من الأموال لأنه لو كان لمعنى يتعداهما إلى غيرهما لم يجز إسلامهما فيما سواهما من الأموال لأن شيئين جمعتها علة واحدة في الربا لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر كالذهب والفضة والحنطة والشعير فلما جاز إسلام الذهب والفضة في الموزونات والمكيلات وغيرهما من الأموال دل على أن العلة فيهما لمعنى لا يتعداهما وهو أنه من جنس الأثمان فأما الأعيان الأربعة ففيها قولان: قال في الجديد العلة فيها أنها مطعومة والدليل عليه ماروى معمر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطعام بالطعام مثلاً بمثل" والطعام اسم لكل ما يتطعم والدليل عليه قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 45] أراد به الذبائح وقالت

الصفحة 26