كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 2)

جُرَيجٍ، فَقَالَتْ بَغِيٌّ مِنْهُمْ: لَئِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ، فَقَالُوا: قَدْ شِئْنَا [ذَاكَ] [1] قَالَ: فَأَتَتْهُ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا فَأَمْكَنَتْ نَفْسَهَا مِنْ راع كان يؤوي [غَنَمَهُ] [2] إِلَى أَصْلِ صَوْمَعَةِ جُرَيْجٍ [فَحَمَلَتْ] [3] فَوَلَدَتْ غُلامًا، قَالُوا: مِمَّنْ، قَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَشَتَمُوهُ وَضَرَبُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: إِنَّكَ زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ غُلامًا. قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ هَذَا/؟ قَالُوا: هُوَ هذا قال: فقام فصلى وَدَعَا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْغُلامِ فَطَعَنَهُ بِأُصْبُعِهِ، فَقَالَ: يَا غُلامُ، باللَّه مَنْ هُوَ أَبُوكَ؟ قَالَ: أَنَا ابْنُ الرَّاعِي، فَوَثَبُوا إِلَى جُرَيْجٍ. فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَهُ، وَقَالُوا لَهُ: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ ابْنُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ.
قَالَ: وَبَيْنَمَا امْرَأَةٌ فِي حِجْرِهَا ابْنٌ لَهَا تُرْضِعُهُ إذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتْ:
اللَّهمّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا. قَالَ: فَتَرَكَ ثَدْيَهَا [فَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ] [4] وَقَالَ: اللَّهمّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. قَالَ: ثُمَّ عَادَ إِلَى ثَدْيِهَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَحْكِي صُنْعَ الصَّبِيِّ وَضَعَ أُصْبُعَهُ فِي فِيهِ، فَجَعَلَ يَمَصُّهَا، ثُمَّ مَرَّتْ بِأَمَةٍ تُضْرَبُ، فَقَالَتْ: اللَّهمّ لا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا.
قَالَ: فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، وَأَقْبَلَ عَلَى الأَمَةِ وَقَالَ: اللَّهمّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا. قَالَ: فَذَاكَ حِينَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ، فَقَالَتْ: خَلْفِي مَرَّ الرَّاكِبُ ذُو الشَّارَةِ، فَقُلْتُ [اللَّهمّ] [5] اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهمّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ومرّ بِهَذِهِ الأَمَةِ فَقُلْتُ: لا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا. [فَقُلْتَ:
اللَّهمّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا] [6] فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، إِنَّ الرَّاكِبَ ذَا الشَّارَةِ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأَمَةَ يَقُولُونَ زَنَتْ وَلَمْ تَزْنِ [وَسَرَقَتْ] [6] وَلَمْ تَسْرِقْ، وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[7] الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 301. والبخاري في صحيحه 4/ 201. ومسلم في صحيحه 4/ 1976. عن زهير بن حرب عن يزيد بن هارون كلاهما عن جرير بن حازم به، من طريق آخر وسياق آخر. وأخرجه ابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة حديث 1. والحاكم في المستدرك 2/ 595.

الصفحة 157