كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 2)

لما ملك سيف بْن ذي يزن أرض اليمن وقتل الحبش وأبادهم، وفدت إليه أشراف العرب ورؤساؤهم ليهنئوه بما ساق اللَّه عز وجل إليه من الظفر، ووفد [وفد] [1] قريش وكانوا خمسة من عظمائهم: عَبْد المطلب بْن هاشم، وأمية بْن عَبْد شمس، وعَبْد اللَّه بن جدعان، وخويلد بن أسد، ووهب بن عَبْد مناف بْن زهرة [2) .] فساروا حَتَّى وافوا [3] مدينة صنعاء، وسيف بْن ذي يزن نازل بقصر يسمى غمدان [4] وكان أحد [5] القصور التي بنتها الشياطين لبلقيس بأمر سليمان، فأناخ عَبْد المطلب وأصحابه، واستأذنوا عَلَى سيف فأذن لهم، فدخلوا وهو جالس عَلَى سرير من ذهب وحوله أشراف اليمن عَلَى كراسي من الذهب [6] وهو متضمخ بالعنبر، وبصيص المسك يلوح من مفارق رأسه فحيوه بتحية الملك، ووضعت لهم كراسي الذهب، فجلسوا عليها إلا عَبْد المطلب، فإنه [7] قام ماثلا بين يديه واستأذنه فِي الكلام، فقيل له: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فتكلم.
فَقَالَ: أيها الملك، إن اللَّه قد أحلك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا منيفا [8] وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعزت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه في أطيب مغرس وأعذب منبت، فأنت أيها الملك ربيع العرب الذي إليه الملاذ، وذروتها [9] الذي إليه المعاد، وسلفك لنا خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، لن يهلك من أنت خلفه، ولن يخمل من أنت [10] سلفه، ونحن أيها الملك أهل حرم اللَّه وسدنة بيت الله، أوفدنا إليك
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ت ذكر «وهب بن عبد مناف بن زهرة» بعد أمية بن عبد شمس.
[3] في الأصل: «وفدوا» .
[4] في ت: «بعمدان» .
[5] في الأصل: «أجل» . وفي ت «إحدى» .
[6] في ت: «ذهب» .
[7] «فإنه» سقطت من ت.
[8] «صعبا منيعا شامخا باذخا منيفا» سقط من ت.
[9] في ألوفا 141: «ووردها» .
[10] «أنت» سقط من ت.

الصفحة 277