كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 2)

[أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ بِإِسْنَادٍ لَهُ،] عَنْ حَيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ [1] : رَأَيْتُ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ ضَحِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَمْ أَرَهُ ضَحِكَ ضَحِكًا قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهُ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ:
ذكرت قول أبي طالب ظهر علينا أَبُو طَالِبٍ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ نُصَلِّي بِبَطْنِ نَخْلَةٍ، فقال: ماذا تصنعان يا بن أَخِي؟ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الإِسْلامِ، فَقَالَ: مَا بِالَّذِي تَصْنَعَانِ مِنْ بَاسٍ- أَوْ مَا بِالَّذِي تَقُولانِ بَأْسٌ- وَلَكِنِّي لا وَاللَّهِ لا تَعْلُونِي اسْتِي أَبَدًا، وَضَحِكَ تَعَجُّبًا بِقَوْلِ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: لا أَعْرَفُ أَنَّ عَبْدًا لَكَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ عَبَدَكَ قَبْلِي غَيْرَ نَبِيِّكَ- ثَلاثَ مَرَّاتٍ-[2] لَقَدْ صَلَّيْتُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ سَبْعًا. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاق، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي الأَشْعَثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِيَاسِ بْنِ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أبيه، عن جده قال:
كنت امرأ تَاجِرًا فَقَدِمْتُ الْحَجَّ، فَأَتْيْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لأَبْتَاعَ مِنْهُ بَعْضَ التِّجَارَةِ، وَكَانَ امْرَأً تاجرا، قال: فو الله إِنِّي لَعِنْدَهُ بِمِنًى إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خِبَاءٍ قَرِيبٍ مِنْهُ، فَنَظَر إِلَى الشَّمْسِ، فَلَمَّا رَآَهَا قَامَ يُصَلِّي ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَامَتْ خَلْفَهُ تُصَلِّي.
ثُمَّ خَرَجَ غُلامٌ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ فَقَامَ بَعْدُ يُصَلِّي، قَالَ: فَقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ: يَا عَبَّاسُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنُ أَخِي قَالَ: قُلْتُ: من هذه المرأة [3] ؟ قال: هذه امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ،. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الْفَتَى [4] ، قَالَ: هَذَا عَلِّيُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ. قُلْتُ: فَمَا الَّذِي يَصْنَعُ؟ قَالَ، يُصَلِّي، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَمْ يَتَّبِعْهُ عَلَى أَمْرِهِ إِلا امْرَأَتُهُ وَابْنُ عَمِّهِ هَذَا الْفَتَى، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى أَوْ قَيْصَرَ. قَالَ: فَكَانَ عَفِيفٌ وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لِلأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ يَقُولُ: وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ [لَوْ كَانَ اللَّهُ رَزَقَنِي الإِسْلامَ] [5] يَوْمَئِذٍ فَأَكُونَ ثَانِيًا مَعَ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
__________
[1] فِي الأصل: «قال حية العوفيّ» .
[2] «مرات» سقطت من ت.
[3] «المرأة» سقطت من ت.
[4] في ت: «الصبي» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

الصفحة 359