كتاب حياة الحيوان الكبرى (اسم الجزء: 2)

هشام بن عروة أنت أثقل من الزواقي يريد أنها إذا زقت سحرا تفرق السمار والأحباب. والزقو والزقي مصدر وقد زقا الصدى يزقو ويزقى زقا أي صاح وكل زاق صائح، قاله الجوهري وقد تقدم في البومة قول توبة بن الحمير «1» صاحب ليلى «2» الأخيلية:
ولو أنّ ليلى الأخيلية سلّمت ... علي ودوني جندل وصفائح «3»
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح
وسيأتي إن شاء الله تعالى، في باب الصاد المهملة، في لفظ الصدى.
الزامور
: قال التوحيدي: إنه حوت صغير الجسم ألوف لأصوات الناس، يستأنس باستماعها، ولذلك يصحب السفن متلذذا بأصوات أهلها، وإذا رأى الحوت الأعظم، يريد الاحتكاك بها وكسرها، وثب الزامور ودخل أذنه، ولا يزال يزمر فيه حتى يفر الحوت إلى الساحل يطلب جرفا أو صخرة. فإذا أصاب ذلك فلا يزال يضرب به رأسه حتى يموت. وركاب السفن يحبونه ويطعمونه ويتفقدونه ليدوم ألفه لهم وصحبته لسفنهم ليسلموا من ضرر السمك العادي وإذا ألقوا شباك الصيد، فوقع الزامور أطلقوه لكرامته.
الزبابة
: بفتح الزاي والباءين الموحدتين، بينهما ألف: الفأرة البرية تسرق ما تحتاج إليه وما تستغني عنه. وقيل: هي فأرة عمياء صماء، وجمعها زباب ويشبه بها الرجل الجاهل قال الحارث بن كلدة «4» :
ولقد رأيت معاشرا ... جمعوا مالا وولدا
وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعدا
أي لا يسمعون شيئا يعني موتى. وصف الزباب بالتحير، والتحير إنما يحصل للأعمى وأراد بذلك أن الأرزاق لم تقسم على قدر العقول، والولد بضم الواو وللواحد والجمع وقوله لا تسمع الآذان رعدا أي لا تسمع آذانهم، فاكتفى بالألف واللام عن الإضافة كقوله تعالى: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى
«5» وبين أن آذانهم لشدة صممهم لا يسمعون بها الرعد. قال الإمام الثعالبي، في فقه اللغة، يقال: في آذانه وقر، فإن زاد فهو صمم، فإن زاد فهو طرش، فإن زاد حتى لا يسمع الرعد، فهو صلخ بالصاد المهملة والخاء المعجمة في آخره. انتهى. واختصت هذه الفأرة بالصمم، كما اختص الخلد بالعمى وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر حكمها، في باب الفاء، في لفظ الفأر.

الصفحة 6