كتاب الأموال للقاسم بن سلام - ت: سيد رجب (اسم الجزء: 2)

1203 - (1289) فَسُنَّتُهُ فِي الْبُيُوعِ قَوْلُهُ: الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ. فَكَانَ لَفْظُهُ: بِالْفِضَّةِ مُسْتَوْعِبًا لِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهَا، مَصُوغًا وَغَيْرَ مَصُوغٍ، فَاسْتَوَتْ فِي الْمُبَايَعَةِ وَرِقُهَا وَحُلِيُّهَا وَنُقَرُهَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَاسْتَوَتْ فِيهِ دَنَانِيرُهُ وَحُلِيُّهُ وَتِبْرُهُ.
1204 - (1290) وَأَمَّا سُنَّتُهُ فِي الصَّدَقَةِ، فَقَوْلُهُ: إِذَا بَلَغَتِ الرِّقَةُ خَمْسَ أَوَاقِيَّ فَفِيهَا رُبْعُ الْعُشْرِ. فَخَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ الرِّقَةَ مِنْ بَيْنِ الْفِضَّةِ، وَأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ سِوَاهَا، فَلَمْ يَقُلْ: إِذَا بَلَغَتِ الْفِضَّةُ كَذَا فَفِيهَا كَذَا، وَلَكِنَّهُ اشْتَرَطَ الرِّقَةَ مِنْ بَيْنِهَا، وَلَا نَعْلَمُ هَذَا الِاسْمَ فِي الْكَلَامِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ يَقَعُ إِلَّا عَلَى الْوَرِقِ الْمَنْقُوشَةِ ذَاتِ السِّكَّةِ السَّائِرَةِ فِي النَّاسِ، وَكَذَلِكَ الْأَوَاقِيُّ لَيْسَ مَعْنَاهَا إِلَّا الدَّرَاهِمُ، كُلُّ أُوقِيَّةٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَالدَّرَاهِمِ، وَقَدْ ذُكِرَ الدَّنَانِيرُ أَيْضًا فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ.
1205 - (1291) يُحَدِّثُونَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالَا مِنَ الذَّهَبِ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ صَدَقَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِيهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْحُلِيِّ، وذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَمْتَعُ بِهِ وَيَكُونُ جَمَالًا، وَأَنَّ الْعَيْنَ وَالْوَرِقَ لَا يَصْلُحَانِ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَا ثَمَنًا لَهَا، وَلَا يُنْتَفَعُ مِنْهُمَا بِأَكْثَرَ مِنَ الْإِنْفَاقِ لَهُمَا، فَبِهَذَا بَانَ حُكْمُهُمَا مِنْ حُكْمِ الْحُلِيِّ الَّذِي يَكُونُ زِينَةً وَمَتَاعًا، فَصَارَ هَاهُنَا كَسَائِرِ الْأَثَاثِ وَالْأَمْتِعَةِ؛ فَلِهَذَا أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْهُ مَنْ أَسْقَطَهَا.

الصفحة 105