كتاب الأموال للقاسم بن سلام - ت: سيد رجب (اسم الجزء: 2)

936 - (957) وَقَدْ جَاءَ الثَّبْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ مُعَاذًا حِينَ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ بِالتَّيْسِيرِ عَلَى النَّاسِ، وَأَنْ لَا يَاخُذَ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ.
937 - (958) ثُمَّ جَاءَ مُفَسَّرًا عَنْ مُعَاذٍ فِي حَدِيثٍ لَهُ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ: ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذْهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الصَّدَقَةِ؛ فَإِنَّهُ أَيْسَرُ عَلَيْكُمْ، وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. فَالْأَسْنَانُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَشْبَهُ مِنَ الْعُرُوضِ بِهَا، وَقَدْ قَبِلَهَا مُعَاذٌ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ مِثْلُهُ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّهُمَا كَانَا يَاخُذَانِ مَكَانَهَا غَيْرَهَا.
938 - (959) قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَتْ تَاتِيَهِ مِنَ الشَّأمِ نَعَمٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجِزْيَةِ.
939 - (960) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَنْتَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ «كَانَ يَاخُذُ الْجِزْيَةَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِبَرِ الْإِبَرَ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْمَسَالِّ الْمَسَالَّ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْحِبَالِ الْحِبَالَ».
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَرَاهُمَا قَدْ رَخَّصَا فِي أَخْذِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ مَكَانَ الْجِزْيَةِ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالطَّعَامُ
(961) وَكَذَلِكَ كَانَ رَايُهُمَا فِي الدِّيَاتِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ، إِنَّمَا أَرَادَا التَّسْهِيلَ عَلَى النَّاسِ، فَجَعَلَا عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا يُمْكِنُهُمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالصَّدَقَةُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا أَنَّ الْأَسْنَانَ يُؤْخَذُ بَعْضُهَا مَكَانَ بَعْضٍ، #18# إِذَا لَمْ تُوجَدِ السِّنُّ الَّتِي تَجِبُ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمَا كَانَ يَاخُذُ بِهِ سُفْيَانُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَيْسِيرًا عَلَى الَّذِينَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَوَفَاءً لِلَّذِينَ تُؤْخَذُ لَهُمْ.
فَهَذَا مَا جَاءَ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا مَسَانَّ، أَوْ خَالَطَتْهَا صِغَارُهَا مِنَ الْخِيرَانِ وَالسِّقَابِ، فَإِذَا كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا لَا مُسِنَّةَ فِيهَا، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا أَرْبَعَةً.
940 - (962) قَالَ سُفْيَانُ: يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْكِبَارِ مِنَ الْأَسْنَانِ، إِلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَضْلَ مَا بَيْنَ السِّنِّ الَّتِي أَخَذَ، وَبَيْنَ الرُّبَعِ أَوِ السَّقِيبِ الَّذِي وَجَبَ فِي الْمَالِ.
941 - (963) وَقَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَسَانِّ مِنَ الْأَسْنَانِ، وَلَا يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَضْلَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ.
942 - (964) وَقَالَ غَيْرُهُمَا قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ لَا صَدَقَةَ فِي الصِّغَارِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهَا.
943 - (965) وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَنَّ فِيهَا وَاحِدَةً مِنْهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.

الصفحة 17