كتاب الأموال للقاسم بن سلام - ت: سيد رجب (اسم الجزء: 2)

وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحَدِّثُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1032 - (1073) قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ بَهْزِ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ، فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْهَا ابْنَةُ لَبُونٍ، وَلَا تُفَرَّقُ عَنْ حِسَابِهَا».
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعُونَ مِنَ الْإِبِلِ بَيْنَ خُلَطَاءَ ثَمَانِيَةٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسٌ، فَإِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَنْ نَظَرَ إِلَى الْمِلْكِ ثَمَانٍ مِنَ الْغَنَمِ، عَنْ كُلِّ رَجُلٍ شَاةٌ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، لَا تُفَرَّقُ عَنْ حِسَابِهَا، فَأَيُّ تَفْرِيقٍ أَشَدُّ مِنْ نَقْلِهَا مِنْ أَسْنَانِ الْإِبِلِ إِلَى الْغَنَمِ؟ وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي حَدِيثِهِ إِذَا كَانَتْ مِلْكَ وَاحِدٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُ، إِنَّمَا ذَكَرَ عَدَدَهَا مُجْتَمِعَةً، وَإِنَّمَا ذَهَبَ مَنْ نَظَرَ فِي الْمِلْكِ تَشْبِيهًا بِصَدَقَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْحَبِّ وَالثِّمَارِ، وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي الْمَاشِيَةِ بِخُصُوصِيَّةٍ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا، أَلَا تَرَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَرِطِ النَّهْيَ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ، وَلَمْ يَامُرْ بِتَرَاجُعِ الْخَلِيطَيْنِ إِلَّا فِي الْمَوَاشِي خَاصَّةً، فَإِذَا صُيِّرَتْ سُنَّتُهَا كَسُنَّةِ غَيْرِهَا بَطَلَ شَرْطُهُ فِيهَا، وَلِمَا كان لما سَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إِبْطَالُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ سُنَّتِهِ، وَلَا تُقَاسُ السُّنَنُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَلَكِنْ تَمْضِي كُلُّ سُنَّةٍ عَلَى جِهَتِهَا.

الصفحة 48