كتاب الأموال للقاسم بن سلام - ت: سيد رجب (اسم الجزء: 2)

#73#
1099 - قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ إِلَى ضَمِّ الْأَقَلِّ إِلَى الْأَكْثَرِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُمَا مَالًا وَاحِدًا يَقُولُ: رَأَيْتُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ ثَمَنًا لِلْأَشْيَاءِ، وَلَا تَكُونُ الْأَشْيَاءُ ثَمَنًا لَهُمَا، وَرَأَيْتُهُمَا مَعَ هَذَا لَا يَحِلُّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسأ، فَدَلَّنِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا نَوْعٌ وَاحِدٌ، فَإن ضُمُّ الْأَقَلَّ إِلَى الْأَكْثَرِ بِسِعْرِهِ. فَهَذِهِ حُجَّةُ الشَّعْبِيِّ فِيمَا نَرَى، وَبِهِ كَانَ يَقُولُ الْأَوْزَاعِيُّ.
1100 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ.
1101 - (1154) وَبِهِ كَانَ يَقُولُ سُفْيَانُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَمَّا الَّذِي جَعَلَ الدَّنَانِيرَ مَضْمُومَةً إِلَى الدَّرَاهِمِ أَبَدًا إِذَا جَامَعَتْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الدَّرَاهِمِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي زَكَاةِ الدَّرَاهِمِ، وَهِيَ الَّتِي ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: وَإِنَّمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ الزَّكَاةَ فِي الذَّهَبِ تَشْبِيهًا بِالدَّرَاهِمِ، فَأَنَا أَجْعَلُهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَرْضِ فِي أَمْوَالِ التُّجَّارِ، وَأَضُمُّهَا إِلَى الدَّرَاهِمِ بِقِيمَتِهَا. وَهَذَا مَذْهَبٌ يَذْهَبُ إِلَيْهِ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِالْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ.
1102 - (1155) وَقَدْ رُوِيَ شَيْءٌ يُشْبِهُهَ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْعَلَانِ الدَّنَانِيرَ بِمَنْزِلَةِ الْعَرْضِ. وَأَمَّا الَّذِي يَجْعَلُ الدَّنَانِيرَ بِعَشَرَةٍ عَشَرَةٍ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى قِيمَتِهَا، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا كَذَا عُدِلَتْ فِي الْأَصْلِ بِهَا، يَقُولُ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ، كَمَا لَا تَجِبُ فِي الدَّرَاهِمِ زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ؟ فَلَمَّا تَسَاوَيَا وَجَبَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رُبْعُ عُشْرِهَا.
1103 - (1156) وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُهُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّ #74# ذَلِكَ رَايُهُ، وَخَالَفَ فِيهِ أَصْحَابَهُ، وَأَمَّا الَّذِي يُسْقِطُ الزَّكَاةَ مِنَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى تَبْلُغَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ، وَالدَّنَانِيرُ عِشْرِينَ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى السُّنَّةِ نَفْسِهَا. قَالَ: رَأَيْتُهَا قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَتْهُمَا نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
1104 - (1157) وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ رِبًا، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَسَوَّى بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَتَا نَوْعًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، ثُمَّ أَحَلَّ صَلَّى اللُّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبَ بِأَضْعَافِ الْفِضَّةِ، إِذْ كَانَا نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. يَقُولُ: فَكَيْفَ أَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَأَجْعَلُهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا، وَقَدْ جَعَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِنْسَيْنِ؟.

الصفحة 73