كتاب الأموال للقاسم بن سلام - ت: سيد رجب (اسم الجزء: 2)

(1194) وَهَذَا عِنْدَنَا غَلَطٌ فِي التَّاوِيلِ؛ لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا السُّنَّةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ الْحَقُّ فِي الْمَالِ، ثُمَّ يَحُولُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّا يَكُونُ إِعْطَاؤُهُ أَيْسَرَ عَلَى مُعْطِيهِ مِنَ الْأَصْلِ.
1133 - (1195) وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، أَوْ عَدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ. فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَرْضَ مَكَانَ الْعَيْنِ.
1134 - (1196) ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ: إِنَّ عَلَيْهِمْ أَلْفَيْ حُلَّةٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَوْ عَدْلَهَا مِنَ أَوَاقِيٍّ فَأَخَذَ الْعَيْنَ مَكَانَ الْعرَضِ.
1135 - (1197) وَكَانَ عُمَرُ يَاخُذُ الْإِبِلَ مِنَ الْجِزْيَةِ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ.
1136 - (1198) وَأَخَذَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْإِبَرَ وَالْحِبَالَ وَالْمَسَالَّ مِنَ الْجِزْيَةِ.
1137 - (1199) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ فِي الصَّدَقَةِ نَفْسِهَا أَنَّهُ أَخَذَ مَكَانَهَا الْعُرُوضَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ايتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذْهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ.
1138 - (1200) وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ امْرَأَتَهَ قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي طَوْقًا فِيهِ عِشْرُونَ مِثْقَالَا. فَقَالَ: أَدِّي عَنْهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ.
(1201) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَكُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَدْ أُخِذَتْ فِيهَا حُقُوقٌ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ تِلْكَ الْحُقُوقُ، فَلَمْ يَدْعُهُمْ ذَلِكَ إِلَى إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَُ حَقٌّ لَازِمٌ لَا يُزِيلُهُ شَيْءٌ، #85# وَلَكِنَّهُمْ فَدَوْا ذَلِكَ الْمَالَ بِغَيْرِهِ؛ إِذْ كَانَ أَيْسَرَ عَلَى مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ أَمْوَالُ التِّجَارَةِ، إِنَّمَا كَانَ الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تُؤْخَذَ الزَّكَاةُ مِنْهَا أَنْفُسِهَا، فَكَانَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ مِنَ الْقَطْعِ وَالتَّبْعِيضِ، فَلِذَلِكَ تَرَخَّصُوا فِي الْقِيمَةِ.
(1202) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي تِجَارَةٍ، فَقُوِّمَ مَتَاعُهُ، فَبَلَغَتْ زَكَاتُهُ قِيمَةَ ثَوْب تَامٍّ، أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مَمْلُوكٍ، فَأَخْرَجَهُ بِعَيْنِهِ، فَجَعَلَهُ زَكَاةَ مَالِهِ، كَانَ عِنْدَنَا مُحْسِنًا مُؤْدِيًا لِلزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ قِيمَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ. فَعَلَى هَذَا أَمْوَالُ التُّجَّارِ عِنْدَنَا، وَعَلَيْهِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ وَاجِبٌ فِيهَا.

الصفحة 84