كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)

الطلاق ، أي طلاق غير المدخول بها ولا بدعة ، وقد حكى ذلك ابن عبد البر إجماعاً في غير العدد ، وذلك لما تقدم من أن العلة في المنع من الطلاق في الحيض طول العدة ، وفي الطهر المجامع فيه خوف الندم بظهور الحمل ، وغير المدخول بها لا عدة عليها ، ولا ارتياب في حقها ، ولو عكس فقال لغير المدخول بها : أنت طالق للبدعة ، ولو عكس فقال لغير المدخول بها : أنت طالق للبدعة ، وهي طاهر طلقت في الحال لذلك ، وكذلك حكم الآيسة والصغيرة ، لا سنة لطلاقهما ولا بدعة ، وكذلك الحامل المستبان حملها ، على أشهر الروايتين ، لما تقدم ، والرواية الثانية تثبت سنة الوقت للحامل ، لحديث ابن عمر رضي الله عنه المتقدم ، وهو ظاهر كلام الخرقي السابق ، ولهذا لم يقل إذا قال لها : أنت طالق للبدعة . أنها تطلق إذا كانت حاملًا ، وعلى هذا إذا قال للحامل أنت طالق للبدعة . لم تطلق في الحال ، حتى يوجد نفاس أو حيض .
( تنبيه ) وقول الخرقي : لا سنة فيه ولا بدعة ، أي من حيث الوقت ، وكذا من حيث العدد على مختاره ، وعلى الرواية الأخرى تثبت لهم السنة من حيث العدد ، والله أعلم .
قال : وطلاق الزائل العقل بلا سكر لا يقع .
ش : طلاق الزائل العقل لجنون أو إغماء أو طفولية لا يقع .
2694 لقول النبي : ( رفع القلم عن ثلاثة ، عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل ) رواه أبو داود .
2695 وقال على رضي الله عنه : كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه . ذكره البخاري في صحيحه ، مع أن هذا قد حكي إجماعاً والحمد لله ، وقد يدخل في كلام الخرقي رحمه الله النائم ، وهو أيضاً بالإجماع ، وقد شهد له النص .
ومما يدخل في كلام الخرقي من تعاطى ما يزيل عقله لغير حاجة ، كالبنج ونحوه ، وقد اختلف المذهب في هذا ، فألحقه ابن حامد وأبو الخطاب في الهداية ، وأبو محمد بالسكران ، وفرق أحمد بينهما ، فألحقه بالمجنون ، ووجه القاضي الفرق بأن الغالب من الناس أنهم يشربون لغير المعصية ، بخلاف المسكر ، والحكم يتعلق بالغالب ، ولأن كثيراً ممن يشرب المسكر يظهر زوال العقل مع إثباته ، فحكم بإيقاع الطلاق سداً للذريعة ، بخلاف متعاطي البنج ونحوه ، ومما قد يلحق بالبنج الحشيش الخبيثة ، وأبو العباس يرى أن حكمها حكم الشراب المسكر ، حتى في إيجاب الحد ، ويفرق بينها وبين البنج ، بأنها تشتهى وتطلب ، فهي كالخمر ، بخلاف البنج ، فالحكم عنده منوط باشتهاء النفس وطلبها ، والله أعلم .
قال : وعن أبي عبد الله رحمه الله في طلاق السكران روايات ، إحداهن : لا
____________________

الصفحة 462