كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)

وقوله : فإذا طلقها . يشمل ما إذا باشرها بالطلاق ، كما لو قال لها بعد التعليق : أنت طالق . وما إذا علق طلاقها بعد التعليق على شرط ، فوجد الشرط ، كما إذا قال لها إذا طلقتك فأنت طالق . ثم قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فدخلت الدار ، فإنهاتطلق طلقتين ، طلقة بدخول الدار ، وطلقة بالتعليق الأول ، وهذا بخلاف ما لو قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق . ثم قال لها : إذا طلقتك فأنت طالق . ثم دخلت الدار ، فإنها لا تطلق إلا طلقة واحدة بالتعليق الأول ، وقاعدة ذلك أن التعليق مع وجود الشرط بمنزلة التنجيز ، ففي الصورة الأولى التعليق ، ووجود الشرط وجدا بعد التعليق السابق ، فكان بمنزلة التنجيرز ، وفي الثانية لم يوجد بعد التعليق إلا الشرط ، وهو أحد جزئي التنجيز ، وليس بتنجيز ، والله أعلم .
قال : ولو كانت غير مدخول بها لزمته واحدة .
ش : علم من هذا أن الصورة السابقة فيما إذا كانت مدخولًا بها ، وهذه فيما إذا كانت غير مدخول بها ، فلا تطلق إلا واحدة بالطلاق الثاني ، إذ به تبين ، والبائن لا يلحقها طلاق ، فلا يمكن إعمال الشرط الأول ، والله أعلم .
قال : وإذا قال لها : إن لم أطلقك فأنت طالق . ولم ينو وقتا ، ولم يطلقها حتى مات أو ماتت ، وقع الطلاق بها في آخر وقت الإمكان .
ش : ( إن ) المكسورة المخففة موضوعة للشرط ، لا تدل على زمان إلا من حيث أن الفعل المعلق بها من ضرورته الزمان ، فهي مطلقة في الزمان كله ، لا تدل على فور ولا تراخ ، ولا فرق بني الإِثبات والنفي ، فإذا قال : إن لم أطلقك فأنت طالق . ولم ينو وقتاً ولم يطلقها ، فإنه لا يحنث بالتأخير ، إذ الفعل ليس على الفور ، فكل وقت يمكن أن يفعل ما حلف عليه ، والوقت لم يفت ، فإذا مات أحدهما علمنا حنثه حيئذ ، لا نتفاء إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما ، أما بعد موته فواضح ، إذ الطلاق من جهته وقد تعذر ، وأما بعد موتها فلا نتفاء قابليتها لوقوع الطلاق عليها ، فإذاً يتبين أن الطلاق وقع حيث لم يبق زمن يسع لأنت طالق ، هذا هو المذهب بلا ريب ( وعن أحمد ) رواية أخرى أنه متى عزم على الترك بالكلية حنث حال عزمه ، وهذا كله إن لم ينو وقتاً ، أما إن نوى وقتاً ، فإن اليمين تتعلق بذلك الوقت ، بحيث إذا فات طلقت ، إذ النية لها مدخل في تقييد المطلق ، كما لها مدخل في تخصيص العام ، وكذا لو قامت قرينة بفورية ، كما لو قال لزوجته مثلًا : ادخلي الدار اليوم . فقالت : لا أدخل . فقال : إن لم تدخلي فأنت طالق . فإن يمينه تتقيد باليوم ، لأن حاله تقتضي التقييد بذلك ، والله أعلم .
قال وإن قال : كلما لم أطلقك فأنت طالق . لزمها ثلاث إن كانت مدخولًا بها .
ش : كلما تقتضي التكرار ، قال الله تعالى : 19 ( { كلما دخلت أمة لعنت أختها } )
____________________

الصفحة 476