كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)

بالتفسير فقال : أنت طالق ثلاثاً . طلقت ثلاثاً بلا ريب ، فعلى هذه الرواية إذا صرح بالواحدة فقال : أنت طالق واحدة وهذه هي الحالة الثانية ونوى ثلاثاً ، ففيه وجهان ( أحدهما ) : وهو الذي قطع به أبو محمد في الكافي والمغني ، ومتقضى كلام الخرقي لا تطلق إلا واحدة ، لأن الواحدة صريح في الوحدة ، فإذا نوى بها ثلاثاً فقد نوى ما لا يحتمله اللفظ ، ثم إن ينيته خالفت صريح لفظه ، ولا شك أن النية أضعف من اللفظ ، فالقوي يقدم على الضعيف ، ثم لو قدر تعراض اللفظ والنية لبقي : أنت طالق مجرداً . وإنه لا يقع به إلا واحدة ( والوجه الثاني ) : تطلق ثلاثاً ، وتكون نيته دالة على محذوف ، تقديره : أنت طالق واحدة معها اثنتان ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
( باب الطلاق بالحساب )
قال : وإذا قال لها : نصفك طالق ، أو يدك أو عضو من أعضائك طالق ، أو قال لها : أنت طالق نصف تطليقة ، أو ربع تطليقة ؛ وقعت بها واحدة .
ش : أما كونها تطلق طلقة إذا طلق منها جزءاً مشاعاً كنصفها وثلثها ونحو ذلك ، أو معيناً كيدها وعينها ونحو ذلك ، فلأنها جملة لاتتبعض في الحل والحرمة ، وجد فيها ما يقتضي التحريم فغلب ، كما لو اشترك مسلم ومجوسي في قتل الصيد ، ولأنه أشار بالطلاق إلى ما هو من أصل الخلقة ، لا يزال عنها في حال السلاملاة ، فكانت الإِشارة إليه كالإِشارة إلى الجملة ، دليله لو أشار إلى الوجه أو الرأس ، وخرج السن ، لأنه ليس من أصل الخلقة ، وإنما يحدث بعد كمالها ، والشعر والظفر لزوالهما في حال السلامة ، يحقق ذلك أن الأصل في كلام المكلف الإِعمال لا الإِلغاء ، وإطلاق البعض على الكل مجاز مستعمل سائغ ، قال سبحانه وتعالى : 19 ( { ذلك بما كسبت أيديكم } ) وقال : 19 ( { تبت يد أبي لهب } ) بما كسبتم وتبت جملته .
2731 وقال النبي : ( لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر ) عبر بالخف عن الإِبل ، والحافر عن الخيل ، وهو كثير ، وإذاً فهذا كذلك تصحيحاً لكلام المكلف .
( تنبيه ) : إذا أضاف الطلاق إلى عضو من أعضائها فهل يقع عليها جملة ، تسمية للكل باسم البعض ، وهو ظاهر كلام أحمد ، قاله القاضي ، أو على العضو نظراً لحقيقة اللفظ ، ثم يسري تغليباً للتحريم ؟ فيه وجهان ، وينبني عليهما إذا قال : إن دخلت الدار فيدك طالق ؛ فدخلت وقد قطعت يدها ، أو قال : يدك طالق . ولا يد لها ، فعلى الأول تطلق ، وعلى الثاني لا ، انتهى ، أو ربع طلقة ، أو ثمن طلقة ، ونحو ذلك ، وهو قول جمهور أهل العلم ، فلما تقدم من إطلاق البعض على الكل ، تصحيحاً لكلام المكف ، والله أعلم .
____________________

الصفحة 481