كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)
قال : والزوجة إذا لم يدخل بها تبينها تطليقة ، وتحرمها الثلاث من الحر ، والاثنتان من العبد .
ش : أما كون الزوجة إذا لم يدخل بها تبينها تطليقة ، فإجماع من أهل العلم ، لقوله سبحانه : 19 ( { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ، فمالكم عليهن من عدة تعتدونها } ) وإذا لم تكن عليها عدة فهي بائن بمجرد الطلاق ، وتصير كالمدخول بها بعد انقضاء عدتها ، وأما كون الثلاث أي بكلمة واحدة من الحر تحرمها فلما تقدم ، وإنما خص غير المدخول بها بالتحريم بالثلاث ، لشهرة الخلاف فيها ، بخلاف ما بعد الدخول ، فإن الثلاث تحرمها في صورة بالإجماع بلا ريب ، وهو ما إذا فرقها ، للآية الكريمة ، وكذا إذا جمعها على قول العامة كما تقدم ، وبالجملة متى حكم بوقوع الثلاث على الزوجة حرمت بذلك بلا ريب ، ويرتفع التحريم بأن تنكح زوجاً آخر بشروطه ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في كلام الخرقي ما يشير إلى ذلك ، وفرق الخرقي رحمه الله بين الحر والعبد ، بناء على ما تقدم له قبل ، من أن الحر يملك ثلاثاً ، والعبد اثنتين ، والله أعلم .
قال : وإذا طلق الحر زوجته بعد الدخول بها أقل من ثلاث ، فله عليها الرجعة ما دامت في العدة .
ش : أجمع أهل العلم على هذا بشرط أن لا يكون الطلاق بائناً ، بأن يكون بعوض أو يقول لها : أنت طالق طلقة بائناً ؛ ونصححه على رواية أو يخالعها بغير عوض ، ونقول بصحته ، وأنه طلاق ، وأجمعوا أيضاً على أنه لا رجعة له إذا انقضت العدة ، وسند الإجماعين قول الله تعالى : 19 ( { المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ) إلى : 19 ( { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } ) أي في مدة القروء فالآية الكريمة دالة بمنطوقها على منطوق كلام الشيخ ، وبمفهومها على مفهومه .
وقد دل كلام الخرقي رحمه الله على أنه لا يعتبر رضى المرأة في الرجعة ، ولا ريب في ذلك ، للآية الكريمة ، ولقوله سبحانه : 19 ( { فأمسكوهن بمعروف } ) فخاطب الأزواج بذلك ، فإن قيل : قوله سبحانه : 19 ( { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } ) يقتضي بظاهره أن لغيرهن حقاً ، قيل : الأحقية والحقية كلاهما بالنسبة إلى الزوج ، فإذا أراد إصلاحاً كما نطقت به الآية الكريمة فهو أحق ، وإن لم يرد إصلاحاً فله حق ، فتصح منه الرجعة مع النهي عن ذلك .
قال : وللعبد بعد الواحدة ما للحر قبل الثلاث .
ش : قد تقدم أن العبد لا يملك إلا اثنتين ، فهو ليس له الرجعة إلا بعد الواحدة ، أما بعد الاثنتين فقد استوفى عدد طلاقه ، وبانت منه زوجته .
قال : ولو كانت حاملًا باثنين فوضعت واحداً كان له مراجعتها قبل أن تضع الثاني .
____________________
الصفحة 487
582