كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)


ومقتضى إطلاق الخرقي أنه لا فرق بين أن يوجد في المدة مانع للوطء من قبلها أو من قبله ، أو لا يوجد ، ولا نزاع في ذلك إذا كان المانع من قبله ، لوجود التمكين ، وفيما إذا كان المانع من قبلها قولان ( أحدهما ) وهو الذي قطع به القاضي في تعليقه ، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما ، والشيرازي وابن البنا أنه يحتسب عليه بمدته ، كما إذا كان المانع من جهته ، وهو ظاهر إطلاق الآية الكريمة ( والثاني ) وهو الذي جزم به أبو محمد في كتبه الثلاثة ، وقدمه أبو الخطاب في الهداية لا يحتسب عليه ، لأن المنع من قبلها لا من قبله ، ولعل هذا يلتفت إلى أصل تقدم ، وهو أنه يصح الإيلاء ممن يتعذر وطؤها ، والعامة على الصحة ، فقياس قولهم هنا الاحتساب ، وأبو محمد يقول ثم لا يصح ، وهنا جرى على ذلك ، وعلى هذا القول إن طرأ العذر استأنفت المدة عند زواله ، لأن ظاهر الآية يقتضي توالي الأربعة أشهر ، وخرج أن يسقط أوقات المنع ، وتبني ويستثنى على هذا القول الحيض ، فإنه يحتسب من مدته بلا ريب ، لئلا يودي إلى إسقاط حكم الأيلاء ، لأن الغالب أنه لا يخلو منه شهر ، وفي الاحتساب بمدة النفاس وجهان ، واعلم أن من شرط مضي الأربعة أشهر والطلب عقبهن أن لا تنحل اليمين فيهن بحنث ولا تكفير ولا غيره ، كما إذا أبانها في أثناء المدة ، ولم يعدها إلى نكاحه حتى انقضت ، لأن المقتضي للطلب الإيلاء وقد زال .
قال : والفيئة الجماع .
ش : الفيئة هي الرجوع عن الشيء الذي قد لابسه الإنسان ، والزوج قد لابس الامتناع من الوطء ، فيرجع عنه ويجامع ، وهذا في حق القادر على الوطء كما سيأتي .
قال : أو يكون له عذر من مرض أو إحرام ، أو شيء لا يمكن معه الجماع ، فيقول : متى قدرت جامعتها . فيكون ذلك من قوله فيئة .
ش : يعني أن القادر على الوطء فيئته الجماع بلا ريب ، أما العاجز عن الوطء لمرض ونحوه ففيئته باللسان ، لأنه لما عجز عن الوطء ، قام اللسان مقامه ، لأنه الذي يقدر عليه ، فيدخل تحت ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ثم اختلف الأصحاب في صفة ذلك ، فقال الخرقي : يعدها فيقول : متى قدرت جامعتك . وعلى هذا لو كان مجبوباً قال : لو قدرت جامعتك . وتبعه على ذلك القاضي في المجرد ، وحسنه أبو محمد ، وزاد القاضي في تعليقه أن يقول مع ذلك : قد ندمت على مافعلت ، وقال هو : إن صفة الفيئة أن يقول : فئت إليك . وهو مقتضى قول عامة أصحابه ، ووقع في كلام القاضي أن المسألة على روايتين ، وانبنى على ذلك إذا قدر على الوطء هل يلزمه ؟ فالخرقي وأبو محمد يقولان يلزمه ، وفاء بالوعد ، وإليه ميل القاضي في الروايتين ، وهو لازم قوله في المجرد ، قال القاضي : وقد أومأ إليه أحمد في رواية حنبل ، إذا فاء بلسانه ، وأشهد على ذلك كان فايئاً ، قال : ومعنى قوله : أشهد على
____________________

الصفحة 498