كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)
الحاكم بينهما فلا وجه لبقاء النكاح بحاله ؛ وفيما قاله نظر ، فإنه إذا لم يفرق الحاكم فإن قيل : الفرقة حصلت باللعان ، فهو كتفريق الحاكم ، وإن قيل : لا تحصل إلا بتفريق الحاكم ، فلا تحريم حتى يقال حلت له ، والذي يقال في توجيه ظاهر هذا النقل أن الفرقة إنما استندت للعان ، وإذا أكذب نفسه كأن اللعان لم يوجد ، وإذاً يزول ما ترتب عليه ، وهو الفرقة وما نشأ عنها وهو التحريم .
وأعرض أبو البركات عن هذا كله فقال : إن الفرقة تقع فسخاً متأبد التحريم ( وعنه ) إن أكذب نفسه حلت له بنكاح جديد ، أو ملك يمين إن كانت أمة ، وقد سبقه إلى ذلك الشيرازي ، فحكى الرواية أنها تباح بعقد جديد . انتهى .
فعلى المذهب متى وقع اللعان بعد البينونة أو في نكاح فاسد ، فهل يفيد الحرمة المؤبدة ، لأنه لعان صحيح ، أو لا يفيدها ، لأن الفرقة لم تحصل به ؟ على وجهين .
ومقتضى كلام الخرقي رحمه الله ، أن الفرقة بينهما لا تحصل إلا بتفريق الحاكم ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، واختيار القاضي ، والشريف ، وأبي الخطاب في خلافاتهم ، وابن البنا وأبي محمد ، وأبي بكر فيما حكاه القاضي في التعليق .
2780 لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا لاعن امرأته في زمن رسول الله ، وانتفى من ولدها ، ففرق رسول الله بينهما ، وألحق الولد بالمرأة . رواه الجماعة .
2781 وعن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عمر رضي الله عنهما : رجل قذف امرأته . قال : فرق رسول الله بين أخوي بني عجلان ، وقال : ( الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ) يرددها ثلاث مرات ، فأبيا ففرق بينهما . متفق عليه ، ولو حصلت الفرقة بمجرد اللعان لما احتيج إلى فرقة .
2782 وقد تقدم في حديث سهل بن سعد أن عويمرا قال : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها . فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله ، قال الزهري : فكانت تلك سنة المتلاعنين ، وفي رواية في الصحيح : ( ذاكم التفريق بين كل متلاعنين ) وفي لفظ لأحمد ومسلم : فكان فراقه إياها سنة المتلاعنين ؛ وظاهره يقتضي أن طلاقه وقع ، ولو وقعت الفرقة لما وقع ، وقوله : فكانت تلك سنة المتلاعنين يعني التفريق بينهما ، وأحمد رحمه الله استدل بحديث سهل على أن الفرقة تقع بمجرد اللعان ، فقال في رواية ابن القاسم وقد سئل : متى تنقضي الفرقة بينهما ؟ فقال : أما في حديث سهل
____________________
الصفحة 521
582