كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)
يصنع ؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم ، وإن سكت سكت على مثل ذلك ؛ قال : فسكت النبي فلم يجبه ، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال : إن الذي سألتك عنه ابتليت به ، فأنزل الله هؤلاء الآيات في سورة النور : 19 ( { والذين يرمون أزواجهم } ) فتلاهن عليه ، ووعظه وذكره ، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخر ، فقال : لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ؛ ثم دعا بالمرأة فوعظها ، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، قالت : لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب ، فبدأ بالرجل فشهد : 19 ( { أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان الكاذبين } ) ثم ثنى بالمرأة فشهدت : 19 ( { أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين } ) ثم فرق بينهما متفق عليه .
وظاهر كلام الخرقي أن جميع ما ذكره تتوقف صحة اللعان عليه ، فيكون شرطاً فيه ، ونحن نتكلم عليه مفصلًا ، فأما كون ذلك بمحضر الحاكم فلا بد منه .
2790 لأن في قصة هلال أن النبي قال : أرسلوا إليها ، فتلا عليهما رسول الله ، وذكرهما ، وأخبرهما أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، فقال هلال : والله لقد صدقت عليهما ، فقالت : كذب . فقال رسول الله : ( لاعنوا بينهما ) وظاهره أنه كان بحضوره ، وكذلك بقية الأحاديث ، تدل على ذلك ، نعم لو كانت المرأة خفرة ، بعث الحاكم من يلاعن بينهما ، إذ هو نائب عنه ، ونائبه قائم مقامه ، وأما كون الزوج يقول : أشهد بالله أربع مرات . فللآية الكريمة والحديث ، وأما كونه يقول : لقد زنت . فلأن الذي يشهد به هو زناها ، وأما كونه يشير إليها فلتتميز عن غيرها ، وهذا إذا كانت حاضرة ، فإن كانت غائبة أسماها ونسبها ، حتى تنتفي المشاركة بينها وبين غيرها ، وهذا كله شرط ، وقيل لأحمد : كيف يلاعن ؟ قال : على ما في كتاب الله ، يقول أربع مرات : أشهد بالله إني فيما رميتها به من الزنا لمن الصادقين . وهو ظاهر النصوص ، والخرقي رحمه الله تعالى استغنى عن ذلك بقوله : لقد زنت . لأن معناهما واحد ، قال أبو محمد : واتباع لفظ النص أولى وأحسن .
2791 وأما كون الزوج يوقف بعد الرابعة ، ويقال له ما ذكر ، فلأن في حديث هلال لما قال النبي : ( لاعنوا بينهما ) فقيل لهلال : اشهد . فشهد : 19 ( { أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين } ) فلما كانت الخامسة قيل : يا هلال اتق الله ، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخر ، وإن هذه الموجبة التي توجب العذاب . فقال : والله لا يعذبني الله عليها ، كما لم يجلدني عليها ، فشهد : 19 ( { الخامسة أن لعنة الله عليه أن كان من الكاذبين } ) ثم قيل لها : اشهدي . فشهدت : 19 ( { أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } ) فلما كانت
____________________
الصفحة 526
582