كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)
وجهها سدلت عليه ، كما تفعل المحرمة ، ( وتجتنب ) أيضاً المبيت في غير منزلها .
2739 لما روي عن الفريعة بنت مالك بن سنان ، وهي أخت أبي سعيد الخدري أنها جاءت إلى رسول الله تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة ، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا ، حتى إذا كانوا بطرف القدوم ، لحقهم فقتلوه ، فسألت رسول الله أن أرجع إلى أهلي ، فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة ، قالت : فقال رسول الله : ( نعم ) قالت : فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني ، أو أمرني فدعيت له فقال : ( ما قلت ) ؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي ، قالت : فقال : ( امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ) قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً ؛ قالت : فلما أن كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به ، رواه الخمسة وصححه الترمذي ، وتجب العدة في المنزل الذي مات الزوج وهي ساكنة فيه ، سواء كان مملوكاً لزوجها أو لم يكن ، كحال فريعة ، إلا أن تدعو ضرورة إلى خروجها منه ، بأن يحولها مالكه ، أو تخشى على نفسها هدماً أو غرقاً أو عدواً ونحو ذلك ، فلها أن تنتقل ، لكن هل تنتقل إلى أقرب الأماكن إلى المسكن ، وبه جزم أبو الخطاب في الهداية ، وأبو البركات ، أو حيث شاءت ، وهو مختار أبي محمد ، وحكاه عن القاضي ، فيه وجهان ، وقد ذكر أبو محمد من صور الأعذار المبيحة للإنتقال إذا لم تجد أجرة المنزل إلا من مالها ، فإن لها الإنتقال ، وذكر هو وغيره أنه لا يجب للمتوفى عنها سكنى إن كانت حائلًا بلا نزاع ، وفيما إذا كانت حاملًا روايتان ، وحاصل قوله وقد صرح به أن الواجب عليها فعل السكنى ، لا تحصيل المسكن ، وهو مقتضى قول القاضي في تعليقه ، فإنه قال : إذا بذل لها المنزل فإنه يلزمها أن تعتد فيه ، ولا يحل لها البيتوتة في غيره ، نص عليه في رواية حنبل ، وفرق بينها وبين المبتوتة في غيره ، وفي ما قالاه نظر ، فإنه يفضي إلى أسقاط العدة في المنزل رأساً ، فإن الورثة إذا لم يبذلوا السكن والمرأة إذا لم تبذل الأجرة سقط الإعتداد في المنزل ، وظاهر الحديث يخالفه ، فإن النبي قال لها : ( امكثي في بيتك ) مع قولها : إنه لم يتركها في مسكن يملكه ولا نفقة ، ولو كان لأمرها بالمكث في بيتها شرط ، وهو بذل الورثة الأجرة ، لبينه ، ثم إن عامة الأصحاب يقولون : لا تخرج عن منزلها إلا لضرورة ووزن الأجرة ليس بضرورة عليها ، ولفظ أحمد في رواية حنبل : لا تبيت المطلقة والمتوفى عنها إلا في منزلهما يذهبان بالنهار ، فإذا كان الليل أتيا المنزل الذي أدركهما فيه الوفاة ، والطلاق أسهل ، وهذا النص أيضاً على وفق الحديث ، والذي يظهر لي أنها يجب عليها بذل الأجرة من مالها إن قدرت على ذلك ، وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .
____________________
الصفحة 547
582