كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)
وظاهر كلام الخرقي أنها لا تجتنب الخروج نهاراً ، وهو كذلك ، نص عليه أحمد كما تقدم والأصحاب ، دفعا للحرج والمشقة ، إذ الحاجة قد تدعو إلى ذلك .
2840 وقد روى جابر رضي الله عنه قال : طُلِقَت خالتي ثلاثاً ، فخرجت تجذ نخلها ، فلقيها رجل فنهاها ، فذكرت ذلك للنبي ، فقال : ( اخرجي فجذي نخلك ، لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيراً ) رواه النسائي وأبو داود ، لكن اشترط كثير من الأصحاب لخروجها في النهار الحاجة ، وأحمد وجماعة لم يشترطوا ذلك ، فلا حاجة في التحقيق إلى اشتراطه ، لأن المرأة وإن لم يكن متوفى عنها تمنع من خروجها من بيتها لغير حاجة مطلقاً ، وقوله : وتجتنب الزوجة . يخرج منه غير الزوجة كأم الولد ونحوها ، فإنه لا إحداد عليها ، ويدخل فيه كل زوجة ، وإن كانت ذمية أو غير مكلفة ، وهو كذلك ، والمخاطب بتحصيل الإحداد على غير المكلف هو الولي .
( تنبيه ) الإحداد المنع ، فالمرأة تمنع نفسها مما كانت تتهيأ به لزوجها ، من تطيب وتزين ، فقول النبي : ( لا تحد المرأة ) وقوله بعد : ( ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ) إلى آخره ، عطف تفسيري للإحداد ، يقال : أحدث المرأة إحداداً فهي محد ، وحدت تحد وتحد ، بالضم والكسر ، فهي حاد ، وسمي الحديد حديداً لامتناعه به ، أو لامتناعه على من يحاوله ، و ( العصب ) برود يمينة يعصب غزلها ، أي يجمع ويشد ، ثم يصبغ بعد ذلك وتنسج ، فيأتي مَوْشِياً لبقاً ، ما عصب منه أبيض ، لم يأخذ الصبغ ، هذا تفسير المنذريس ، و القاضي من أصحابنا وغيرهما ، ولهذا أباح القاضي ما صبغ غزله ثم نسج للتحسين ، نظراً للمعنى ، ( والنبذة ) القطعة من الشي ( والقسط ) العود الذي يتبخر به ، وقيل هو طيب غيره ، ويقال بالقاف والكاف ( والأظفار ) جنس من الطيب ، لا واحد له من لفظه ، وقيل واحدة ظفر ، وروي : ( قسط وأظفار ) على العطف ، وروي : أو أظفار ، على الإباحة والتسوية ، ورخص في ذلك لأجل قطع الرائحة الكريهة ، لا على معنى التطيب ( والممشقة ) من الثياب المصبوغة بالمشق ، بكسر الميم وفتحها ، وهو المغرة بفتح الميم ( وكحل الجلا ) هو الإثمد ، وحكى فيه كسر الجيم وفتحها ، والمد والقصر ( والصبر ) معروف الدواء المر ( ويشب الوجه ) أي يوقد اللون ويحسنه ، من قولهم شببت النار ؛ إذ أوقدتها ( وتغلفين ) أي تلطخين ، و ( خدرة ) بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة ، بطن من الأنصار ، ( والقدوم ) بفتح القاف وضم الدال المهملة موضع على ستة أميال من المدينة ، ويشدد ويخفف .
قال : والمطلقة ثلاثاً تتوقى الطيب والزينة والكحل بالإثمد .
ش : هذا إحدى الروايتين عن أحمد ، واختيار الخرقي والقاضي ، وعامة أصحابه ، لأنها معتدة ، بائن من نكاح ، فلزمها الإحداد كالمتوفى عنها ، ولأن العدة تحرم النكاح ،
____________________
الصفحة 548
582