كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)
أحمد ، وجعل الاعتبار بحال الزوجين ، فيفرض للموسرة تحت الموسر نفقة الموسرين ، وللفقيرة تحت الفقير نفقة للفقراء ، وللمتوسطة تحت المتوسط أو إذا كان أحدهما موسراً ، والآخر معسراً نفقة المتوسطين ، وتبعه فيما علمت من بعده على ذلك ، جمعاً بين الدليلين .
قال : فإن منعها أو بعضه وقدرت له على مال أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف ، كما قال النبي لهند ، حين قالت : إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي ، فقال : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) .
ش : قد ذكر الخرقي رحمه الله الحكم وهو ما إذا منعها الواجب عليه أو بعضه ودليله ، وهو حديث هند الذي في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، أن هنداً رضي الله عنها قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي ، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ، فقال : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) ، وهو صريح في أن لها أن تأخذ بغير إذنه ، والحكم للواحد حكم لغيره ، إما بطريق عرف الشرع كما نقوله ، أو بالقياس كما يقوله الأكثرون ، وكأن المعنى في ذلك أن الحاجة تدعو إلى ذلك ، إذ النفقة تجب كل يوم ، فالمرافعة إلى الحاكم تشق أو تتعذر ، فجوز الشرع أخذ الكفاية بالمعروف ، دفعاً للحرج والمشقة .
قال : فإن منعها أو بعضه ولم تجد ما تأخذ منه ، واختارت فراقه فرق الحاكم بينهما .
ش : ظاهر هذا الكلام أنه منعها مع قدرته على الإنفاق ، ولم تجد له مالاً تأخذ منه ، ومختار أبي الخطاب في هدايته ، وأبي محمد أن لها الفسخ والحال هذه ، كما اقتضاه كلام المصنف ، لأن الإنفاق عليها من ماله متعذر ، فكان لها الفسخ كحال الإعسار ، بل أولى ، إذ لا عذر هنا ، بخلاف ثم .
2867 وقال ابن المنذر : ثبت أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم ، فأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا ، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى . واختار القاضي أنها لا تملك الفسخ والحال هذه ، لأن الفسخ ثم لعيب الإعسار ولم يوجد ، ولأن الموسر الممتنع في مظنة إمكان الأخذ من ماله ، بخلاف المعسر ، ويأخذ من عموم كلام الخرقي أو من تنبيهه أنها إذا لم يجد ما ينفق عليها أصلاً أن لها الفسخ ، وهو المنصوص والمشهور من الروايتين ، والمختار للأصحاب ، لما تقدم عن عمر ، ولقول الله سبحانه : 19 ( { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } ) ، وليس الإمساك مع ترك الإنفاق إمساكاً بمعروف ، فيتعين التسريح .
2868 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ قال : ( خير الصدقة ما كان ظهر غنى ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ) فققيل : من أعول يا
____________________
الصفحة 560
582