كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)


ويدخل في كلام الخرقي في الوالدين الأجداد والجدات وإن علوا ، وفي الولد ولد الولد وإن سفل ، وهو كذلك ، بدليل قوله سبحانه : 19 ( { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } ) دخل فيه ولد البنين ، وقال سبحانه : 19 ( { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } ) يدخل فيه الأجداد ، وقال تعالى : 19 ( { ملة أبيكم إبراهيم } ) واشترط الخرقي رحمه الله لوجوب النفقة على من تقدم شرطين ( أحدهما ) أن يكون المنفق عليهم فقراء أي لا مال لهم ، ولا كسب يقوم بكفايتهم ، إذ النفقة تجب على سبيل المواساة ، والغني مستغن عن المواساة ، ( الثاني ) أن يكون للمنفق ما ينفق عليهم ، إما من مال أو صناعة ونحو ذلك ، فاضلاً عن نفقة نفسه وزوجته .
2872 لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي قال لرجل : ( ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شيء فلاهلك ، وإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك ، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي .
2873 وعن طارق المحاربي رضي الله عنه قال : قدمت المدينة وإذا رسول الله قائم على المنبر يخطب ، وهو يقول : ( يد المعطي العليا ، وابدأ بمن تعول ، أمك وأباك ، وأختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك ) رواه النسائي .
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط غير ذلك ، إلا أنه يذكر بعد أن السيد تلزمه نفقة رقيقه ، ولا يلزم ابنه نفقته ، وإن كان حراً ، وهو كذلك بلا ريب ، فإذاً الشروط ثلاثة ( ثالثها ) أن لا يكون أحدهما رقيقاً ، ولا بد ( من شرط رابع ) وهو أن يتحد دينهما ، فإن اختلف فلا نفقة لأحدهما على صاحبه ، لأن النفقة مواساة على سبيل البر والصلة ، ولا صلة مع اختلاف الدين ، ولأنهما غير متوارثين ، فلم تجب لأحدهما نفقة على الآخر ، كما لو كان أحدهما رقيقاً ، ولا نزاع في اشتراط هذا الشرط في غير عمودي النسب ، وفي عمودي النسب روايتان ، نص عليهما في الأب الكافر ، هل تجب عليه نفقة ولده المسلم ، وخرجهما القاضي في العكس ، وأبو محمد ينصر عدم الوجوب مطلقاً ، عكس ظاهر كلام الخرقي ، فإن ظاهره الوجوب في عمودي النسب ، لأنه لم يشترط ذلك ، وعدم الوجود في غيرهم ، كما هو متفق عليه ، لقوله بعد : أجبر وارثه . فاشترط الإرث ، فدلّ ذلك على اشتراط الاتفاق في الدين ، واختلف في ( شرط خامس ) وهو أن المنفق عليه هل من شرطه أن يكون زمناً ونحو ذلك ، أو لا يشترط ذلك ؟ لا نزاع فيما علمت أن الوالدين لا يشترط فيهما ذلك ، وهو مقتضى كلام الخرقي ، واختلف فيمن عداهما ، وعن أحمد ما يدلّ على روايتين ، ومختار القاضي وأبي محمد عدم الاشتراط مطلقاً ، كما هو ظاهر كلام الخرقي ، إناطة بالحاجة ، وتمسكاً بقول
____________________

الصفحة 562