كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)

صالح وعبد الله وسئل : متى يؤخذ الرجل بنفقة الصغيرة ؟ فقال : إذا كان مثلها يوطأ ، تسع سنين ، ولم يكن الحبس من قبلهم ، ففسر من مثلها يوطأ بتسع سنين ، وقد يحمل إطلاق من أطلق من الأصحاب على ذلك ، فإذاً أبو محمد منفرد عنهم .
وقول الخرقي : مثلها يوطأ ، يريد به والله أعلم في السن ، فلو كان بها رتق أو قرن ، أو مرض ونحو ذلك ، ومثلها في السن يوطأ ، فلا يخلو إما أن يكون هذا المانع يمنع الاستمتاع بالكلية ، أو لا ، فإن لم يمنعه بالكلية وجبت النفقة ، للتمكن من الاستمتاع الواجب في الجملة ، وإن منع الاستمتاع بالكلية كمرض كذلك أو إحرام ونحو ذلك ، فإن لم يرج زواله وجبت النفقة ، إذ لا حال لها ينتظر ، وإن رجي زواله كالإحرام ونحوه انتظر زوال ذلك ، ولم تجب النفقة لأنها والحال هذه كالصغيرة .
قال : وإذا كانت بهذه الحال التي وصفت ، وزوجها صغير ، أجبر وليه على نفقتها من مال الصبي .
ش : والحال التي وصفها أن يكون مثلها يوطأ ، ولم تمنع نفسها ، ولا منعها أولياؤها ، وإذا كان زوجها والحال هذه صغيراً وجبت عليه نفقتها ، لأن المنع جاء من قبل الزوج ، لا من قبلها ، أشبه ما لو كان غائباً ، وعلى المشهور لا بد أن تسلم نفسها ، أو تبذل له ذلك ، إذا تقرّر هذا فالمخاطب بالنفقة هو الولي ، كما يخاطب بأداء بقية الواجبات عنه ، والأداء من مال الصبي كما في بقية الواجبات .
قال : فإن لم يكن له مال فاختارت فراقه فرق الحاكم بينهما .
ش : قد تقدم الكلام على هذا ، وأنه يؤخذ من كلام الخرقي تنبيهاً ، ويؤخذ من كلامه هنا تصريحاً ، ونزيد هنا بأن المفرق في الفسخ للإعسار بالنفقة هو الحاكم ، لأنه أمر مختلف فيه ، والأمور المختلف فيها تقف على الحاكم .
قال : وإن طالب الزوج بالدخول ، وقالت : لا أسلم نفسي حتى أقبض صداقي ، كان ذلك لها ، ولزمته النفقة إلى أن يدفع إليها صداقها .
ش إذا طالب الزوج بالدخول ، وامتنعت المرأة حتى تقبض صداقها ، فلها ذلك ، لأن عليها في التسليم قبل قبض صداقها ضرراً ، والضرر منفي شرعاً ، وبيان الضرر أنها إذا سلمت نفسها قد يستوفي معظم المنفعة المعقود عليها وهو الوطء ، فإذا لم يسلم إليها عوض ذلك وهو الصداق لا يمكنها الرجوع فيما استوفى منها ، فيلحقها الضرر ، وفارق المبيع إذا تسلمه المشتري ، ثم أعسر بالثمن ، فإنه يمكنه الرجوع فيه ، وإذا كان لها الامتناع لأجل قبض الصداق ، مع بذلها للتسليم ، فلها النفقة ، لأن امتناعها في الحقيقة إنما جاء من جهة الزوج ، وكلام الخرقي يشمل الصداق الحال والمؤجل ، وهذا الحكم إنما هو في الحال ، أما المؤجل فليس لها الامتناع ، إذ لا حق لها تطالب به ، إذ حقها قد رضيت بتأخيره ، نعم لو حل المؤجل قبل التسليم ، فهل لها الامتناع
____________________

الصفحة 566