كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)

وإذاً لا يحسن منه الجواب عن الحديث ، لأن جعفراً رضي الله عنه كان ابن عمها ، وليس هو من أهل الحضانة ، وحيث قيل : إن التزويج مسقط للحضانة فذلك بمجرده من غير دخول ، على مقتضى كلام الخرقي وعامة الأصحاب ، إعمالاً لظاهر الحديث ، ولأبي محمد احتمال أن حقها لا يسقط إلا بالدخول ، نظراً إلى المعنى المقتضي لإسقاط حقها بالتزويج ، وهو الاشتغال بالزوج والتخصيص به ، وذلك منتف قبل الدخول ، والله أعلم .
قال : والأخت من اوب أحق من الأخت من الأم ، وأحق به من الخالة ، وخالة الأب أحق من خالة اوم .
ش : قد تقدم هذا ، وأن مذهب الخرقي أن قرابة الأب تقدم على قرابة الأم ، فلا حاجة إلى إعادته ، وتقدم أن عن أحمد رواية أخرى مشهورة بالعكس ، ورواية أخرى أن الخالة أحق من أم الأب ، وأن على هذه الرواية تقدم الخالة على الأخت من الأب ، لتقديمها على من أدلت به .
قال : وإذا أخذ الولد من الأم إذا تزوجت ، ثم طلقت عادت على حقها من كفالته .
ش : لا نزاع عندنا في ذلك ، إذا كان الطلاق بائناً ، لأن حقها إنما زال لمعنى ، وهو الاشتغال بالزوج ، فإذا طلقت زال ذلك المعنى ، فتعود إلى ما كانت عليه ، واختلف فيما إذا كان الطلاق رجعياً ، فظاهر كلام الخرقي وهو الذي نصبه القاضي في تعليقه ، وقطع به جمهور أصحابه ، كالشريف ، وأبي الخطاب ، والشيرازي ، وابن البنا وابن عقيل في التذكرة أن حقها يعود ، نظراً إلى زوال اشتغالها به ، لعزلها عن فراشه ، وعدم القسم لها عليه ، وقال القاضي : قياس المذهب أن حقها لا يعود حتى تنقضي عدتها ، بناء على أن الرجعية مباحة ، فاشتغالها بالزوج لم يزل ، وعلى هذا فقول الخرقي جار على قاعدته من تحريم الرجعية ، وأبو محمد خرج الوجه الثاني من كون النكاح قبل الدخول مزيلاً للحضانة مع عدم الشغل ، والله أعلم .
قال : وإذا تزوجت المرأة فلزوجها أن يمنعها من رضاع ولدها إلا أن يضطر إليبها ، أو يخشى عليه التلف .
ش : للزوج منع المرأة من رضاع ولدها من غيره ، ومن رضاع ولد غيرها بطريق الأولى ، إذ عقد النكاح يقتضي تمليك الزوج الاستمتاع في كل الزمان ، ما لم يضرّ بها ، سوى أوقات الصلوات ، والرضاع يفوت الاستمتاع في بعض الأوقات ، فكان له المنع ، كالخروج من منزله ، فإن اضطر الولد إليها ، بأن لا يوجد مرضعة سواها ، أو لا يقبل الولد ثدي غيرها ، وخشي عليه التلف ، فليس للزوج المنع نظراً لحفظ النفس المقدم على حق الزوج ، وملخصه أنه يجب ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما ،
____________________

الصفحة 574