كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 2)
وقول الخرقي : من رضاع ولدها . ظاهر سياق كلامه أنه من غيره ، وإلا كان يقول : وللزوج منع المرأة من رضاع ولدها . وفي بعض النسخ : ولدها من غيره .
قال : وعلى الأب أن يشترضع لولده إلا أن تشاء الأم أن ترضعه بأجرة مثلها ، فتكون أحق به من غيرها ، سواء كانت في حبال الزوج أو مطلقة .
ش : قد دلّ كلام الخرقي على مسألتين ( إحداهما ) أن إرضاع الولد على الأب وحده ، وليس له إجبار أمه على رضاعه مطلقاً ، ولظاهر قوله سبحانه : 19 ( { والوالدات يرضعن أولادهن } ) الآية إلى : 19 ( { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ) وقوله سبحانه : 19 ( { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } ) ومتى اختلفا فقد تعاسرا ( المسألة الثانية ) أن الأم إذا شاءت أن ترضعه بأجرة مثلها كان لها ذلك ، وقدمت على غيرها إذا كانت مفارقة من الزوج بلا نزاع ، وكذلك إذا كانت في حباله على المشهور ، وقيل : بل إذا كانت في حباله كان له منعها بأجرة وبغيرها ، ومبنى الخلاف على فهم الآية الكريمة ، وذلك لأن إرضاعه كنفقته ، والجامع أن بنيته لا تقوم إلا بهما ، ونفقته لو كان كبيراً عليه ، فكذلك إرضاعه إذا كان صغيراً ، ولظاهر الآية الكريمة : 19 ( { والوالدات يرضعن أولادهن } ) فإن الله سبحانه جعل حكمه الشرعي أن الوالدات يرضعن أولادهن ، لكن هل المراد كل والدة ، اعتماداً على عموم اللفظ ، فتدخل فيه المطلقة وغيرها ، أو المراد به الوالدات المطلقات ، لذكرهن في سياق المطلقات ، والسياق والسباق يخصصان ؟ فيه قولان ، فعلى الثاني إذا كان المراد المطلقات فالمزوجات لم تتناولهن الآية ، وإذاً للزوج منعهن من الإرضاع ، نظراً لحقه من الاستمتاع ، كما له ذلك في ولد غيره ، وقول الخرقي : بأجرة مثلها . مفهومه أنها إذا طلبت أكثر من أجرة المثل لم تكن أحق به ، وهو كذلك ، لطلبها ما ليس لها ، فتدخل في قوله تعالى : 19 ( { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } ) نعم لو طلبت أكثر من أجرة المثل ، ولم يوجد من ترضعه إلا بمثل تلك الأجرة ، فقال أبو محمد : الأم أحق ، لتساويهما في الأجرة ، وميزة الأم ، وقوله : فتكون أحق به . مقتضاه وإن وجد متبرعة برضاعه ، وهو كذلك ، اعتماداً على إطلاق الآية الكريمة ، والله سبحانه أعلم .
[ باب ] باب نفقة المماليك )
قال : وعلى ملاك المملوكين أن ينفقوا عليهم ويكسوهم بالمعروف .
ش : هذا إجماع والحمد لله ، وقد دلت عليه السنة النبوية .
2893 فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال لقهرمان له : هل أعطيت الرقيق قوتهم ؟ قال : لا . قال : فانطلق فأعطهم ، فإن رسول الله قال : ( كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته ) رواه مسلم .
____________________
الصفحة 575
582