كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 133 @
عليه فأطرق فقالت أمه أيهما الآن احسن فقال
( إذا غيبت عني حبيشة مرة ... من الدهر لا املك عزاء ولا صبرا )
( كأن الحشا حر السعير تحثه ... وقود الغضا والقلب مضطرم الجمرا )
( وجعل يراسل الجارية وتراسله فعلقته كما علقها وأكثر قول الشعر فيها فمن ذلك
( حبيشة جدي ثم جدك جامع ... بشملكم شملي وأهلكم أهلي )
( وهل أنا متلف بثوبك مرة ... بصحراء بين الألبتين إلى النحل )
فلما علم أهلها خبرها حجبوها عنه فازداد غرامه فقالوا لها عديه السرحة فإذا أتاك فقولي له نشدتك الله إن أحببتني فوالله ما على الأرض أبغض إلي منك ونحن قريب نسمع ما تقولين فوعدته وجلسوا قريبا فأقبل لموعد لها فلما دنا منها دمعت عيناها والتفت إلى جانب أهلها وهم جلوس فعرف أنهم قريب وبلغه الحال فقال
( فإن قلت ما قالوا لقد زدتني جوى ... على أنه لم يبق سر ولا ستر )
( ولم يك حي عن نواك بذلته ... فيسلبني عنك التجنب والهجر )
( وما انس للأشياء ولا أنس ومقها ... ونظرتها حتى يغيبني القبر )
وبعث النبي أثر ذلك خالد بن الوليد فكان منه ما تقدم ذكره
وفي هذه السنة تزوج النبي مليكة ابنة داود الليثية وكان أبوها قتل يوم فتح مكة فجاء إليها بعض أزواج النبي فقلن لها ألا تستحين تزوجين رجلا قتل أباك فاستعاذت منه وكانت جميلة حدثة ففارقها
وفيها هدم خالد بن الوليد العزى ببطن نخلة لخمس ليال بقين من رمضان وكان هذا البيت تعظمه قريش وكنانة ومضر كلها وكان سدنتها بنو شيبان بن سليم حلفاء بني هاشم فلما سمع صاحبها بمسير خالد بن الوليد إليها علق عليها سيفه وقال
( أيا عز شدي شدة لا شوى لها ... على خالد ألقى القناع وشمري )

الصفحة 133